ماالذي ستكسبه السينما في السعودية !!

ثلاث تواريخ  متعلقة  بالسينما كانت مهمة  في أوساط المجتمع السعودي ولعشاق السينما وصناع الأفلام بشكل خاص ..الحادي عشر من ديسمبر2017 حينما تم الإعلان عن السماح بافتتاح صالات العرض السينمائية  ثم العشرين من مارس 2018  حينما أعلنت الهيئة العامة للثقافة إطلاق ( المجلس السعودي للأفلام ) والذي ” يهدف إلى تطوير قطاع حيوي وبيئة مزدهرة لصناعة الأفلام والمحتوى في المملكة “. وأخيرا كان الثامن عشر من أبريل  2018  حينما تم وبشكل رسمي عرض أول فيلم تجاريا عبر صالة السينما في مركز الملك عبدالله المالي حيث وقع الاختيار بشكل جيد وذكي على الفيلم الحائز أعجابا جماهيريا ونقديا ومحققا لأرقام قياسية في شباك التذاكر الأمريكية  Black Panther
وحينما نتحدث تجاريا واستثماريا عن مكاسب هذه السينما فإنه بالنظرة المجردة سيبدو كل شيء موائما , فالسعودية ذات طبيعة استهلاكية كبيرة اظهرتها كثيرا تلك الحشود المتوافدة على فعاليات هيئة الترفيه منذ بدايتها , والشعب السعودي بطبيعته الاجتماعية وأوضاعه الاقتصادية كثيرا مايميل الى التنزه والسفر وحضور الفعاليات المختلفة والاستهلاك المتكرر بالاضافة لكون الاهتمام بمشاهد الأفلام  وتتبعها وحضورها في صالات السينما خارج البلاد يكاد أن يشكل هوية السنوات الأخيرة وجيل هذا الوقت كما تظهره مواقع النت والتواصل الاجتماعي وحركة الترجمة  وتحميل الأفلام ومعاينات السفر في الدول المجاورة .
وبما أننا افترضنا مسبقا دون -معطيات فعلية- هذه النظرة المجردة التي قررنا من خلالها كيف ان السعودية ستكون سوقا استهلاكيا واستثماريا كبيرا مع دخول صالات العرض السينمائي فإننا يمكننا الآن أن  ندعم هذه النظرة بالالتفات نحو السوق العالمي بداية من الدول الأقرب مثل الامارات العربية المتحدة الناجحة إجمالا في سوق صالات العرض السينمائية والتي تشير المصادر المعتبرة مثل امباير سينماس وغيرها الى أنه تم عام 2016  بيع عدد ستة عشر ونصف مليون تذكرة وهو مايعتبر رقما ضئيلا في السعودية التي يصل عدد السكان فيها الى 30 مليون نسمة ولذا فسيبدو الأمر وكأن نصف سكان السعودية فقط قد حضروا خلا سنة كاملة فيلما واحدا فقط !! وحينما نوسع الدائرة بشكل أكبر فسنجد انه في عام 2016 فيما تأتي الهند اولا في قائمة افضل 10 أسواق عالمية من حيث عدد الجمهور بواقع مليارين وخمسة عشر مليون تذكرة قبل الصين ثانيا وأمريكا الشمالية ثالثا فإننا سنجد أن المركز العاشر تتواجد فيه المملكة المتحدة بواقع 168 مليون تذكرة فقط !! وهو مايعني -بتقريبنا السابق –أنه بالكاد نصف سكان السعودية  سيحضرون 12 مرة فقط للسينما بمعدل مرة واحدة شهريا !! هذا الأمر لايبدو شيئا من طبيعة الشخصية السعودية التي تحب الترفيه وارتياد الاماكن الممتعة !
وبصورة أخرى وحسب قائمة افضل 10 أسواق عالمية لعام 2016 من حيث إيراردات شباك التذاكر هذه المرة ستعتلي أمريكا الشمالية القائمة بمبلغ 11.40 مليار دولار قبل الصين ثم اليابان فيما تأتي المكسيك عاشرا بمبلغ 790 مليون دولار وهي التي جاءت رابعا من حيث عدد الجمهور بواقع 321 مليون تذكرة , فيما المملكة المتحدة  التي جاءت عاشرا في عدد الجمهور تأتي هنا رابعا بمبلغ مليار و ستمائة وستين مليون دولار وبطبيعة الحال فإن هذا التفاوت في الترتيبات مابين القائمتين لكل دولة يعود لعدة اعتبارات أهمها سعر التذكرة نفسه الذي يبدو في المكسيك بدولاين ونصف تقريبا كمتوسط سعر في مقابل 10 دولارات في المملكة المتحدة !!
وبحسب هذه الأرقام التي اقتصرنا فيها على المرتبة العاشرة في كل قائمة لعام 2016 وبحسب السعر المتوقع للتذكرة في صالات العرض السينمائية في السعودية والذي سيتراوح مابين 13-8  دولار تقريبا فإنه يمكننا توقع عائدات ضخمة جدا تجعل السعودية  خلال سنوات متواجدة في هذه القوائم العالمية  وضمن الدول العشر في العالم من حيث عدد الحضور وإيرادات شباك التذاكر ( بشرط أساسي ومؤثر للغاية ) وهو توفر صالات العرض الكافية بأحدث الأنظمة  لاستيعاب الجماهير الكبيرة ودعم شركات التوزيع لعرض أحدث الأفلام المتنوعة وإيجاد منظومة قوانين ورقابة محفزة لهذا الاستثمار وليس العكس !! والذي ربما ينفر المشاهد ويجعله  مستعدا للانسحاب في اول التجربة حيث المعول دائما على الاستمرارية وايجاد الرابطة القوية مع الجمهور السعودي ليبدو له الحضور للسينما كفعل ترفيهي معتاد واسلوب حياة تقليدي

  • نشر في مجلة زهرة الخليج /أبريل 2018

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *