مما يمكننا وصفه للعام السينمائي الفائت 2018 ومايشكل أحد سماته هي أنه كان عاما للعديد من الممثلين وبعضهم من غير النجوم المشاهير – الذين تجرأوا للوقف خلف الكاميرا بدلا من الوقوف أمامها ليقدموا كمخرجين وإن شركوا تمثيلا أيضا أفلاما لاقت قدرا جيدا من الاستحسان الجماهيري والإعجاب النقدي .
وبطبيعة الحال فإن وجود الممثل المخرج او الممثل الذي يراوح كل فترة مابين الإخراج والتمثيل هي ظاهرة معروفة سينمائيا. كلينت ايستوود مثلا كان قد بدأ التمثيل عام 1955 واصبح نجما عبر عدد من الأفلام الشهيرة خاصة أفلام الويسترن التي قدمها العظيم سيرجيو ليون قبل أن يتجه ايستوود نفسه للإخراج عام 1971 حتى هذا اليوم ليقدم 37 فيلما بعضها يتحتل مكانة عالية في الأفلام السينمائية مثل Unforgiven الفائز بأوسكار افضل فيلم وإخراج أيضا وهي المرة الثانية التي يفوز بها مخرجا حيث حدث تاليا في فيلم Million Dollar Baby إضافة لترشيحه عن فيلم Mystic River مما يؤكد اعتباره مخرجا كبيرا بجانب كونه ممثلا مرموقا . النجم ميل غيبسون أيضا كانت إنجازاته كمخرج أفضل منها كممثل فقد فاز باوسكار الإخراج عن الفيلم الشهير Braveheart وترشح عن آخر أفلامه Hacksaw Ridge . كيفن كوستنر بدأ ممثلا عام 1981 لكن أفضل إنجازاته حينما تولى الإخراج ليقدم فيلمه الأشهر والأفضل الرقص مع الذئاب Dances with Wolves عام 1990 والذي فاز عبره بأوسكار افضل فيلم وإخراج . والقائمة لاشك لن تتوقف فضلا عن الممثلين النجوم الذين يمارسون الإخراج بين فترة وأخرى مثل روبيرت دينيرو وشون بين وبين آفليك وأنجلينا جولي وسارة بوللي وغيرهم .
أما عام 2018 فيمكننا الحديث عن أربعة من الممثلين الذين يقدمون تجارب إخراجية جديدة حضيت بنجاح ملحوظ . بدياة بالأشهر بينهم جوناه هيل حيث يغلب على هذه الأسماء أنها لاتكاد تذكر في صفوف النجوم المشاهير ماعدا جوناه الذي بدا التمثيل عام 2004 واشتهر كممثل كوميدي عبر أفلام مثل The 40-Year-Old Virgin , Knocked Up , Superbad لكنه حقق إنجازا مهما كممثل حينما ترشح مرتين لأوسكار افضل ممثل مساعد عبر فيلمي Moneyball , The Wolf of Wall Street . والعام الماضي 2018 خاض تجربته الإخراجية الأولى ومن كتابته أيضا عبر فيلم Mid90s حيث يعود لفترة التسعينات ليتتبع حياة الفتى ستيفي ذي الثلاثة عشر عاما والذي يقضي حياته مابين بيته المضطرب وأصدقاء التزلج الذين تعرف عليهم . الفيلم حضي باعجاب جماهيري وتقييم جيد وشارك في مهرجان برلين السينمائي كما فاز كأحد أفضل عشرة أفلام مستقلة لدى جمعية National Board of Review وعبرت الناقدة أماندا سينك عبر The Hollywood Outsider بأن جونا هيل هنا ” مزج من خلال أول ظهور له مع الحنين والعاطفة ، وإلقاء الضوء على الصراعات في سن المراهقة ” .
الممثل الآخر الأقل شهرة لكنه ربما الأبرع أداء هو بأول دانو والذي اشتهر بدوره في فيلم بأول توماس أندرسون وفي مواجهة النجم الكبير دانيال دي لويس عبر فيلم There Will Be Blood . حيث قدم أيضا فيلمه الأول أخراجا وكتابة Wildlife حيث استعان بالنجمين جاك غلينهال و كاري موليغان ليقدم دراما جميلة حول عائلة تتهاوى أمام نظر ابنها حينما يقرر الاب ترك الأسرة للذهاب خلف وظيفة خطرة فيما تعيش الام وحدة غاضبة . الفيلم بجانب الإعجاب الجماهير فقد حضي باعجاب نقدي كبير وشارك في عدة مهرجانات أهمها مهرجان كان السينمائي ثم مهرجان لندن وساندانس ومومباي وتورينو وتورنتو . وصف الناقد فيكو كانغيانو من CineXpress الفيلم بأنه ” دراما عائلية خفية ، لكنها قوية ، تتضمن أفضل أداء مهني من قبل كاري موليجان. ” . فيما يرى الناقد فيليب مارتن من Arkansas Democrat-Gazette بان باول دانو وشريكته في الكتابة زوي كازان ” طوّرا بشكل حاذق عملًا حلوًا ومرّحًا في فيلم يحتفظ بالنغمة بينما يثني الحجة نحو النسوية البراغماتية ”
في النهاية يمكن أن نشير أيضا إلى الممثل جون كراسينسكي وتجربته الناجحة جدا في فيلم A Quiet Place أحد أشهر أفلام السنة وأفضل أفلام الرعب والإثارة في السنوات الأخيرة بالرغم من أنه العمل الثالث الذي يخرجه بعد فيلمين لايكاد يذكران سابقا . وأيضا الممثل البارع وغير المعروف جول إيدغرتون والذي قدم أداءا كبيرا في فيلم Loving استحق عليه الترشيح كافضل ممثل عن فيلم دراما في الغولدن غلوب عاد ليقدم تجربة إخراجية ثانية بعد تجربته الأولى عام 2015 بفيلم The Gift حيث قدم فيلما دراميا بعنوان Boy Erased حضي بإعجاب نقدي وجماهيري عبر قصة أحد الخطباء المعمدانيين وهو يرسل ابنه للمشاركة في برنامج مخصص لذوي الميول المثلية بقصد تقويمهم !!