ليس في السينما فحسب , بل إن الامر بدأ مع القصة و الرواية وبطبيعة الحال قبل ذك في كل حكاية ترويها المجتمعات البشرية لتعبر عن فكرة واحدة ” الحب أقوى من كل شيء ” ومن ثم تعزز عبر هذه القصة فكرة المساواة وإدانة التفرقة الطبقية والعنصرية وغيرها . ومنذ بدات الفنون انتقلت هذه ” الفكرة ” الرومانسية نحو المسرح تحديدا حتى وصلت إلى السينما كما هو منتظر … إنها الفكرة الرومانسية والقصة الجميلة دائما والتي تحكي علاقة حب بين اثنين من طبقة مختلفة أو مرجعات اجتماعية مغايرة .. الأمير والخادمة مثلا ( سندريلا ) أو الفارس والأميرة .. ومن ثم تطور الأمر لما هعو ابعد من الاختلاف الطبقي والمكانة الاجتماعية ومن هنا جاءت بعض أفضل الأفلام السينمائية التي عالجت هذه الفكرة .
في الخمسينات مثلا كان المخرج الكبير دوغلاس سيرك قد قدم أحد افضل أفلامه في الدراما الرومانسية بعنوان
All That Heaven Allows
وهو يحكي قصة المرأة الارملى كاري سكوت ( وقامت بدورها النجمة جين وايمان ) وهي تؤدي شخصة الزوجة التي مات عنها زوجها تاركا خلفه زوجة مع ابن وبنت لتعيش بشكل هاديء ومنعزل نوعا ما سوى لقاءاتها مع دائرة صغيرة من الأصدقاء المقربين ومع غياب أبنائها غالب الأسبوع في المدينة فهي ستعيش وحيدة طيلة الوقت بشيء من الملل . إلا ان الأمور تتغير تدريجيا منذ تعاقدها مع الشاب رون كيربي ( تمثيل روك هودسون ) الذي يحضر مابين لفصلي الربيع والخريف من اجل تقليم الأشجار والعناية بالحديقة . رون أصغر منها بكثير ومن طبقة مختلفة إلا أنه يحضى بثقتها ليتحول إلى صديق محبب لدى كاري سكوت قبل أن تتطور الامرو لتصبح علاقتهما حبا يغمر الطرفين سيواجه اعتراضا من أصدقاء كاري وامتعاضا كبيرا من ابنيها وهنا عليها أن تقرر مالذي ستفعله تجاه هذه العلاقة ومشاعرها وواجبها تجاه ابنيها !
تصف الناقدة لويس كيلر من Urban Cinefile الفيلم بأنه ( فيلم كلاسيكي وجميل لأولئك الذين يحبون القصص الرومانسية ) بينما تعتبر TV Guide الفيلم بأنه ( واحد من أرقى أفلام سيركس ) ويثني ديفيد باركينسون من مجلة إمباير على السرد في الفيلم بأنه (يتجاوز نوعه مع العمق البصري والرؤى الاجتماعية والثقافية الإدراكية )
اما في السبعينات فيقدم الألماني راينر فاسبندر أحد أفضل وأهم أفلام هذا النوع عبر الدراما الرومانسية الشهيرة
Ali: Fear Eats the Soul
الفيلم الأبرز تلك السنة في مهرجان كان عام 1973 حيث فاز بجائزة الفيبرسي الشهيرة وجائزة Prize of the Ecumenical Jury وبقي الفيلم فيما بعد كإحدى الروائع السينمائية . هنا يأخذ فاسبندر الفكرة الأساسية -حول علاقة غير متكافئة تفرضها مشاعر الحب والا رتياح – إلى مداها الأبعد بشكل أكثر امتحانا للمنظومة الأخلاقوية والقيم المدعاة حينما يروي قصة إيمي المرأة الألمانية في منتصف الستينات والتي تقع في حب الرجل الأسمر علي المهاجر والعامل المغربي الذي يصغرها بأكثر من ثلاثين سنة ثم بعد فترة من العلاقة والانسجام يقرران الزواج مما يجعل من حولهم مرعوبين من هذه الفكرة وبالأخص عائلة ايمي وابنائها .
قوة الفيلم ولاتنبع فحسب من مخرجه الألماني المتميز فاسبندر وإنما من طبيعة المعالجة والسرد النفسي الذي عمله في هذا الفيلم لقصة تبدو بسيطة بشكل معقد . ولذا كان الفيلم ضمن قائمة ” الأفلام الرائعة ” لروجر ايبرت وقائمة ستيفن شنايدر التي عنونها ب( 1001 فيلم يجب ان تشاهدها قبل أن تموت ) كما واحتل الفيلم المرتبة 66 في قائمة افضل 100 فيلم غير ناطقة بالانجليزية حسب استطلاع لرأي النقاد أجرته هيئة الإذاعة البريطانية العام الماضي 2018 فيما حصل الفيلم على النسبة الكاملة 100% في موقع تقييمات النقاد الشهير Rotten Tomatoes بتقييم 34 نقادا وهذا مما يعد شيئا نادرا .
وبطبيعة الحال استمرت هذه الفكرة ومازالت في عدد كبير من الأفلام السينمائية مثل الفيلم الرومانسي الشهير عام 2004 The Notebook والذي حضي باعجاب كبير من الجماهير والمشاهدين ودخل تجاري جيد لكنه حصل على مراجعات نقدية سيئة لأسباب متعددة ربما منها رتابة القصة وإيغالها في التقليدية حيث يروي الفيلم علاقة شاب فقير ( رايان غوسلينغ )بشابة غنية ( راشيل ماكدامز ) والذي استطاع أن يريها الحياة بشكل مختلف ويحررها من مجتمعها الغني المتبلد قبل ان تتدخل العائلة لتحاول الفصل بينهما .