وصايا الناقد روجر !

في عام 2014 قدم المخرج الوثائقي ستيف جيمس فيما جميلا حضي بإعجاب النقاد والجمهور واعتبرته العديد من الجمعيات والنقابة السينمائية واحد من أفضل أفلام السنة الوثائقية باسم Life Itself يحكي الفيلم حياة الناقد السينمائي الاشهر روجر إيبرت الكاتب في جريدة شيكاغو صن تايمز والذي كان ايضا يعمل محاضراً في جامعة شيكاغو، واستاذاً مساعداً في جامعة «الينوي». وبجانب تأليفه عددا كبيرا من الكتب تتجاوز الخمسة عشر كتاباً، فهو الناقد السينمائي الوحيد الحاصل على جائزة بولتزر.والذي كان قد توفي قبل الفيلم بسنة بعمر السبعين بعد أن عاش حياة طويلة تحدث فيها ناقدا ومحللا ومقيما لآلاف الأفلام عبر مقالاته وبرامجه التي كانت محل انتظار وترقب من الجمهور السينمائي وحضي بشهرة كبيرة ومتابعة على مواقع النت بما لايحدث غالبا سوى للنجوم ومشاهير الفن .
ومن هنا وأكثر تاتي أهمية هذه التوصيات الطريفة التي يصيغها روجر بطريقته الخاصة كما هي عادته في مقالاته الرائعة حيث كتب ذات يوم مقالا بعنوان ( كيف تشاهد فيلما ) نقتطف منه هذه التوصيات المترجمة :
” – كيف تختار فيلماً: الحياة قصيرة. حاول قدر الامكان أن تتجنب إهدار ساعتين منها على فيلم لن تستمتع به. لا تثق بالإعلانات الدعائية، حتى ما قبل نهاية اسبوع افتتاح الفيلم، لسببين: أولاً، أغلب جمل النقاد المستخدمه في الاعلان هي من طالبي الشهرة الذين يملون أقوالهم للمروجين مباشرة. وثانياً، الأفلام الجادة غالباً ما تسوق عن طريق عروض دعائية تجعلها تبدو وكأنها أفلام مرحة ومليئة بالبهجة (مثل Mr. Jones لريتشارد غير، وهو فيلم عن شخص مهووس وكئيب، ولكن اعلان الفيلم جعله يبدو وكأنه شخص سعيد للغاية. وأخيرا، اقرأ المراجعات.
-كيف تقرأ مراجعة: الناقد الجيد يجب ان يقدم صورة واضحة عن فكرة الفيلم من أجل ان تقرر ما اذا كنت تريد مشاهدة الفيلم ام لا. مرة تلقيت مكالمة من قارئ سألني عن رأيي في فيلم Cries And Whispers فقلت له أني اعتقد انه أفضل فيلم في تلك السنة (دون ان اتكلم عن الفيلم). فقال: «اوه، شكرا، لا يبدو أنه شيء نريد مشاهدته».
– كيف تختار كاتب مراجعات: بما انك لن تحضر 9 من كل 10 أفلام تقرأ عنها، فابحث عن شخص تستحق مراجعاته القراءة بحد ذاتها (دون مشاهدة الفيلم حتى) ابحث عن كاتبك في أسلوب الكتابة، في التنظير، في الملاحظات على الفيلم. لا تبحث أبداً عن ناقد موضوعي (غير متحيز)، النقد كله ذاتي (متعلق بالرأي الشخصي). تسلمت رسالة مرة من أحد القراء يطلب مني أن احتفظ بآرائي الشخصية بعيدا عن مراجعاتي، فأرسلت اليه رداً اطلب منه فيه أن يحتفظ بآرائه الشخصية هو بعيدا عن رسائله.
 
– إذا كنت سبق وقرأت الكتاب أو الرواية قبل مشاهدة الفيلم: تذكر أن مهمة المخرج هنا هي أن يخرج فيلما جميلا، لا أن يكون مخلصا للكتاب وملزما به.
– إذا كنت لم تقرأ الكتاب أو الرواية: غالباً لن يكون هناك متسع من الوقت لقراءة الكتاب، قبل خروج الفيلم من الصالات، لذا اذهب وشاهد الفيلم الآن. وعن نفسي كناقد، أستمتع بالمشاهدة عندما لا أكون قد قرأت الرواية، لأن مهمتي هي تقويم الفيلم وليس مدى جودة تحويل الرواية الى فيلم .
واذا كنت قد استمتعت بالفيلم وتفكر في قراءة الرواية الآن، فقط تذكر قاعدة هوليوود التي تقول: إن كثيرا من الكتب السيئة تصنع أفلاما رائعة، ولكن أغلب الكتب الرائعة تصنع أفلاما سيئة.
– على ماذا تركز؟ لقطات الفيلم تنفذ بحيث يقتنع المخرج ان رؤيته للمشهد قد تحققت وسجلت على الفيلم. اشياء قليلة تظهر على الشاشة بالصدفة ودون تخطيط من المخرج . كل حركة للكاميرا وكل حركة داخل الصورة لها مغزى معين. شاهد الفيلم مرة ثانية وثالثة، واسأل نفسك: لماذا صورت كل لقطة منه بهذا الشكل لماذا لقطة مقربة هنا؟ ولماذا استخدمت لقطتان هناك ؟ الاجابة عادةً ليست مخفية أو صعبة الاكتشاف، وليست ذات معنى خاصا بشخص معين (غالبا)، بل مبنية على ادراك ووعي عام وشائع. على سبيل المثال، مشهد في حفلة قد يبدأ بلقطة عامة للضيوف، ثم قطع على لقطة اقرب لضيفين منهمكين في المحادثة، ثم قطع على لقطة صغيرة (قريبة) لضيف ثالث يلاحظ انهما يتحدثان
– بعد مشاهدة الفيلم: كل الأفلام الجيدة تتسبب بنقاشات، وإعادة طرح قضايا وأفكار بشكل جديد. أغلب ما تعلمته عن الأفلام ورد خلال مناقشات مع الاشخاص الذين شاهدتها معهم. (قائمة شندلر) على سبيل المثال قد أحيا نقاشات مطولة عديدة. و(صمت الحملان) كان مملوءا بالتفاصيل التي كتبت عنها مقالا استعرضت فيه أكثر من 25 سراً من أسرار الفيلم كلها مستمدة من النقاشات حول الفيلم. وأفلام مثل (البيانو) الذي أثر في بعض المشاهدين وسبب إحباطاً للبعض الآخر، حظي بنقاشات ومجادلات عديدة بمجرد نهاية الفيلم، وأثناء خروج الناس من الصالات
– ما الذي يجعل الفيلم رائعاً ؟ يقال إن الدماغ البشري يقسم وظائفه على قسمين. القسم الأيمن مخصص للانطباعات المحسوسة مثل العواطف والألوان والموسيقى. والقسم الأيسر يتعامل مع الأفكار والنظريات المجردة كالمنطق والفلسفة والتحليلات. وتعريفي للفيلم الرائع هو: الفيلم الذي يخاطب ويشغل عقلك الأيمن أثناء مشاهدته، وبعد انتهائه يخاطب ويشغل عقلك الأيسر.
– وأخيراً إذا أعجبك الفيلم: أعرف من أخرجه، ثم اذهب واستأجر بعض أفلام المخرج الاخرى. فمعيار جودة الفيلم هو غالبا المخرج أكثر من كونه الممثل أو جهة الإنتاج . ”
 

  • تم نشر المقال في مجلة ” زهرة الخليج “

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *