في عام 2013 يلفت اتباه المتابع السينمائي ومحبي الوثائقيات أحد الأفلام الجديدة لمخرج شاب ليس له تجارب سابقة يتحدث في فيلمه الأول هذا عن شخصية تبدو مثيرة جدا للاهتمام بالرغم من أنها لم تكن معروفة مطلقا حتى وقت وفاتها وهي في سن الثالثة والثمانين عام 2009 !! ومجهولة من قبل انتاج هذا الفيلم .. فمالذي حدث وماأهمية هذه الشخصية !!
لنقل ان الصدفة وحدها قادت الى اكتشاف اعمال فنية جميلة ورؤية واقيع لمجتمع الخمسينات في شيكاغو وشخصيبة ذات حس فني وعين حاذقة تجيد التقاط الأشياء حولها … ففي عام 2007 كان الشاب جون مالوف يعمل على كتاب يؤرخ فيه لحيه عبر بعض الصور ولذا كان من حسن حظه أن وجد مجموعة كبيرة من الصور لايعرف صاحبها في أحد مزادات البيع وقام بشرائها وتخزينها في بيته لمدة سنتين كان خلالها قد نمى لديه الشغف بالتصوير الفوتغرافي والقدرة على قراءة الصور الفوتغرافية واكتشاف جمالياتها مما دعاه الى استخراج تلك الصناديق المليئة بعلب النيجاتيف لمئات الصور والتي كان قد حصل عليها في المزاد وقام بإنشاء غرفة تحميض خاصة ليتفاجأ فيما بعد بمستوى الجمال والروح الفنية والتأريخ الاجتماعي عبر هذه الصور التي لايعرف من صاحبها مما اضطره الى تحميل العديد منها على موقع الصور الشهير Flickr في محاولة البحث عن معلومة تفيده عن صاحب هذه الصور … وهنا تم إعادة إحياء مصورة الشوارع فيفيان ماير !!
وماتم معرفته عنها هو أنها كانت مصورة شوارع هاوية امريكية ولدت عام 1926 في نيويورك ونشأت في فرنسا ثم عادت مرة اخرى الى امريكا – شيكاغو لتعمل ولمدة اربعين سنة كمربية أطفال دون أن تتخلى يوما ما عن كاميرتها الفوتغرافية Rolleiflex التي حملتها على خصرها . لالتقاط صور فوتوغرافية بالأبيض والأسود التي تتنقل بها بين شوارع أمريكا بالاضافة لصور تتضمن رحلاتها مابين دول العالم مثل تايلند ومصر وايطاليا وبعض مدن امريكا الشهيرة. وتكشف المقابلات التي أجريت مع من قاموا بتوظيفها كمربية لديهم أن فيفيان كانت ذات شخصية معقدة وغامضة وكأنها تخفي جانبا سريا بالرغم من قوة شخصيتها وطريقتها في التعبير عن أرائها لكن صورها سجلت تأريخا مهما وارشيفيا لطبيعة الحياة العامة في شوارع شيكاغو فترة الخمسينات من القرن الماضي مما اجبر الفنانين والمهتمين على إقامة سلسلة من المعارض لصورها في امريكا والمانيا وانجلترا والدنمارك والنرويج بالاضافة لانتشار صورها في عدد كبير من الصحف الاوربية والمتصفح الان لمجموعة الصور التي التقطتها فيفيان سيدرك العين الفنية التي كانت تتم عبها ومستوى الشغف الذي كانت تحمله بالرغم من صعوبة هذا العمل كما يتحدث بذلك جون مولوف نفسه الذي تتبع تلك الشوارع والاماكن التي التقطت فيها فيفيان صورها في شيكاغو. ليقدم فيلمه الوثائقي الرائع عام 2013 والذي تم ترشيحه للأوسكار Finding Vivian Maier بالإضافة لترشيحه في جوائز البافتا البريطانية ومهرجان برلين السينمائي وحصوله على تقييمات نقدية عالية وأراء إيجابية للغاية حول الفيلم وفيفيان نفسها .. ففي حين يعتقد الناقد بات بادوا أنه ( من الضروري على كل شخص مهتم بالتصوير الفوتغرافي في الشوارع خاصة أن يشاهد هذا الفيلم بقصته الرائعة ) يقول أيضا الناقد توم لونق من صحيفة اخبار ديترويت ( في كل مرة تومض فيها إحدى صورها على الشاشة ، لا يمكن إنكار عبقرية المرأة. )
بينما يصف مارك فيني من بوستون غلوب الفيلم وعمل المخرج جون مالوف قائلا (هذه حكاية مدهشة ، جاهد فيها مالوف بقوة لإخراجها. وبشكل غريب تقريبا كغرابة ماير نفسها )
كما يرد أيضا في مجلة The Sun البريطانية تقديرا عاليا للفيلم وأعمال فيفيان ماير من خلال الإجابة على السؤال ( لماذا يتم صنع فيلم عن مربية مجهولة من نيويورك؟ الجواب هو أن فيفيان التقطت صورًا جميلة وقوية كتلك التي التقطها أي أعظم المصورين )
يمكن الإشارة أيضا أنه في نفس العام 2013 كان منتج ومخرج الوثائقيات البريطاني جيل نيكولاس قد قدم فيلما قصيرا أيضا لايتجاوز الساعة عن فيفيان ماير بعنوان ” لغز فيفيان ماير / The Vivian Maier Mystery ” لم يصل بطبيعة الحال لمستوى وشهرة فيلم جون مالوف التي استحقها ببحثه الجاد واستقصائه الموضووعي وتحويله لتلك المصادفة الجميلة لكشف عمل فني كان مجهولا .