منورة بأهلها … غموض تشويقي بسرد متنقل !

عرض حتى الآن أربع حلقات من المسلسل المصري ⁧‫#منورة_بأهلها‬⁩ أحد أعمال ⁧‫#شاهد‬⁩ الأصلية ⁦‪@ShahidVOD‬⁩  ومازلت لست متأكدا من فهم مايجري وفك غموض قصة المسلسل في بدايته !ولذا ليس أمامي سوى الانتظار بجانب ثقتي بمخرج العمل المخرج االسينمائي لكبير يسري نصر الله صاحب فيلم باب الشمس وجنينة الأسماك!
ثم هناك أيضا مؤلف العمل الشاب المتميز محمد أمين راضي الذي لفت الانتباه مع بداية أعماله حينما كتب مسلسل نيران صديقة ثم السبع وصايا مرورا بمملكة إبليس … وهو مازال يحتفظ بلمسته الخاصة : الغموض المعقد ، المسحة الفانتازية ، وأحيانا التنقل في السرد الزمني وهي الثيمة التي سنلاحظها هنا من خلال قصة شاب موهوب بالتصوير الفوتغرافي ينتقل للقاهرة من أجل العمل حيث يلتقي مصادفة أحد المحققين في إجازته ، بعد سنوات سنجد هذا الشاب مقتولا في شقته حيث تعرف عليه المحقق من الصورة التقطها له بعد ان كان مجهول الهوية ثم سيتتبع حياته لفك لغز هذه الجريمة من خلال قصاصات الصور التي وصلته في طرد مما كان قد التقطه هذا الشاب قبل وفاته حيث يتتبع ونحن معه حياة من كانوا في الصورة لينكشف الأمر عن مجتمع غريب وغامض تلفه الجريمة ! ‏هنا فقط البداية في 4 حلقات من 10 حلقات ولذا من المؤمل ان يكون الأمر بنفس مستوى التشويق الذي بدأ به العمل .

الوسم … دراما سورية بصنف مختلف!

لطالما راوحت الدراما السورية مابين الدراما والكوميديا بنجاحات متعددة شهدنا فيها العديد من الاعمال الرائعة التي استوطنت الذاكرة وعرفنا منا العديد من النجوم الذين خلقوا وشائج ممتدة من المحبة والتقدير مع جماهيرهم ،

لكن هذه المرة نحن مع صنف مختلف من الدراما السورية ولون مغاير نسبيا يبدو كتجربة منصاعة لحد ما لشروط وظروف الانتاج الحالي في العالم العربي

#الوسم‬⁩ مسلسل سوري من أعمال ⁧‫#شاهد‬⁩ الأصلية ⁦‪@ShahidVOD‬⁩ ‏عرض منه حتى الآن 6 حلقات تبدو كافية  في معرفة العمل وأجوائه و الإضافة التي ممكن أن يقدمها في مسيرة الاعمال الدرامية العربية
‏في البداية خلف الاخراج سيف الدين سبيعي بتاريخ وتجارب كبيرة مابين التمثيل والاخراج لعدة أعمال معروفة.ولذا فلم يكن مستغربا مع تصوير التونسي أمين مسعدي أن يكون بجودة مقبولة فيما سيقع الحمل كله على النص وفكرة العمل والتي تأتي من تأليف بطل العمل النجم قصي خولي مما يجعلها فكرة موجهة كما هو المتوقع .مهاجر يتم ترحيله من اليونان لنكتشف أنه داخل معمعة كبيرة في عالم الاجرام والعصابات 
وبتاريخ ملتف بالانتقام وتصفية الحسابات خاصة بعد تعرضه لمحاولة اغتيال حين ترحيله لكن فرصته الكبرى هي حينما يتم إيداعه في السجن حيث يتوجب عليه حماية أحد السجناء المهمين للاستفادة مما يملكه من مستندات واوارق ! ولذا فأغلب المشاهد هي داخل السجن وهو الأمر الجديد نسبيا التقليدي كلياً
لكنه في نفس الوقت سيحتفظ ولو بخيط بسيط من الاثارة والتشويق .‏العمل تم تصويره في أكثر من مكان حيث تتنوع خطوط العمل مابين سوريا والقاهرة وسلوفينيا في محاولة لصنع مزيج درامي تشويقي !‏⁧‫#شاهد‬⁩

جميل جدا … رشاقة كوميدية في الشكل والمضمون !

آخر الأعمال السعودية المعروضة حالياً على منصة ⁧‫#شاهد‬⁩ ⁦‪@ShahidVOD‬⁩  هو مسلسل الدراما الكوميدية ⁧‫#جميل_جدا‬⁩ من تأليف وكتابة بطلة العمل الممثلة سارة طيبة وهو الأمر الذي يعطي قيمة مزدوجة للعمل حينما يؤديه كاتبه وللفنانةسارة التي تنجح هنا في تجربة كتابية يحسن المخرج السعودي الشاب أنس باطهفوالذي كنا قد شهدنا آخر أعماله في تجربته الأولى سينمائيا عبر فيلمه الطويل ( دولاب فيّ) الذي عرض في مهرجان اليحر الأحمر السينمائي الدولي ضمن تظاهر السينما السعودية الجديدة. حيث يتعامل أنس هنا مع العمل برشاقة وتضمين بصري كوميدي يتناسب وطبيعة التلقي الحالية لدى شريحة الشباب عبر قصة
عبر قصة بداياتها مشوقة وان كان علينا انتظار بقية الحلقات الست لكن الحلقة الأولى والثانية كانت كافية شكلا ومضمونا لترقب التالي.‏هنا الفتاة جميل وليس جميلة -لسبب ما- تستيقظ من غيبوبة خمس سنوات إثر حادث سيارة مع والدها- وعليها الآن أن تجمع شتات نفسها،تتعايش مع متغيرات حياتها،وأن تستوعب كل الأشياء الجديدة التي حدثت حين غيبوبتها.‏اعتمد السرد بطريقة جيدة ولحد مقبول على (التعليق الصوتي/حديث النفس) إضافة لانعكاس التخيلات الطريفة والعنيفة في عقل جميل كمشاهد كوميدية تعبر عن شخصيتها 
‏⁧‫#شاهد‬⁩‏⁧‫#جميل_جدا‬⁩ ‏⁦‪@ShahidVOD‬⁩ 

في جماليات السينما

يقول هنري آجيل «السينما هي (الفن الشامل) الذي تتجه نحوه كل الفنون الأخرى، وسنصل إلى وقت تكون فيه السينما الفن الوحيد القادر على الاستجابة للاحتياجات الجماعية الكبرى». الحقيقة أنه منذ بدأت السينما أواخر القرن التاسع عشر عام 1895، ثم انتشرت وازدهرت في القرن العشرين حتى أطلق عليها الكاتب الإيطالي ريتشيوتو كانودو مسمى (الفن السابع)، الذي جاء بعد الفنون الستة السابقة بزمن طويل مثل الرسم والموسيقى والمسرح، وهي تحت العديد من المحاولات النقدية والتحليلية لوصف السينما، وكشف جمالياتها وقدراتها التعبيرية ومستوى التأثير الذي تحدثه على الناس الذين يتفاعلون معها.
كتابات نقدية
يشير الناقد السينمائي الإيطالي أرستاركو في كتابه (تاريخ نظريات الفيلم) إلى أوليك الذين سماهم بـ(الرواد)، ويعني بهم أول من فكروا وكتبوا في جماليات السينما مثل: كانودو وديلوك وريختر ودولاك قبل أن يقوم بدراسة هذه الكتابات النقدية باستفاضة، مبتدئاً بالألماني بيلا بالاش الذي يعتبر كتابه (فن التعليم) المنشور عام 1924 في برلين، أول عمل نظري مهم ثم يتكلم عن الروسي الشهير بودفكين والذي نشر كتابه (المخرج السينمائي وأدواته) في موسكو عام 1926، ثم المخرج الأهم والمؤثر فيما يسمى عملية المونتاج، والمؤلف السينمائي سيرجي أزنشتاين والذي كان يكتب مقالات متنوعة في جماليات السينما مطلع الثلاثينات الميلادية، وأخيراً الألماني أرنهايم والذي كان له بحث مهم في السينما عام 1932. من دون أن نتناسى، كما يقول الكاتب مارسيل مارتن في كتابه (اللغة السينمائية)، آخرين أسهموا في الكتابة عن جماليات السينما في وقت مبكر، مثل موسيناك الذي نشر عام 1925 كتابه (مولد السينما)، وتيموشنكو والذي كان له مؤلف في هذا الشأن عام 1928، والروسي كوليشوف والذي كان متعاوناً مع بودفكين. على الرغم من أن منهجية كل هؤلاء الكتاب، لم تكن محكمة وشاملة كما هي الحال في الدراسات المتأخرة في مجال جماليات السينما، لكن فضلها الكبير ودورها المهم لا يمكن تجاهلهما.
قدرة تعبيرية
في كتابه «الفيلم كعمل فني» الذي صدر مطلع الثلاثينات من القرن الماضي، يقول الناقد الألماني رودولف أرنهايم: «الغريب في الأمر أنني كنت أؤمن بأنه لو لم توجد السينما حقاً، لكان في الإمكان تجسيد إمكاناتها التعبيرية عن طريق صور فوتوغرافية متحركة، وهو أمر قد حاولته بالفعل»، لكنه في النهاية كما يذكر هنري آجل أن أرنهايم وصل إلى ما وصل إليه آخرون من قبله مثل الروسي بودفكين، وهو أن الطابع السينمائي للسينما يكمن في الفارق القائم بين الأحداث الحقيقية وإعادة إنتاجها.
صناعة تجارية
إذا ما أردنا تبسيط الموضوع حول جماليات السينما وتجاوزها الفنون السابقة، فسنلاحظ على الفور كيف أن الفيلم يحوي عدداً من تلك الفنون التي سبقته كالموسيقى والصورة والرقص والمسرح والرسم والأدب والشعر وغيرها. لكن الأمر الأكثر عمقاً في جماليات السينما هو القدرة التعبيرية ذاتها، مما لا يتحقق كثيراً في أي من الفنون السابقة، إضافة إلى قدرتها الهائلة في الانتشار والوصول والتحول لصناعة تجارية ناجحة، مما حدا بالإيطالي لويجي كياريني أن يقول «الفيلم فن والسينما صناعة».
قيمة أكبر
في محاولة لتتبع كل هذا الحديث عن جماليات السينما، سنجد أن الأمر يتمحور في البداية حول ما نسميه بالتوليف السينمائي، أي عملية المونتاج والتي تولد معنى فنياً مؤثراً حينما يقوم مخرج ما يتميز بالعبقرية والتفرد، مثل الأميركي ديفيد غريفيث والروسي سيرجي أزنشتاين، بإعطاء معنى جديد في لقطة أو صورة ما نتيجة لقطات سابقة وهكذا. ثم تحول الأمر إلى الحديث عن جماليات السينما المتفردة عن غيرها من الفنون من جهة الاختزال في الزمن والتنقل في المكان، قبل أن يتحول الحديث عن جماليات شكلية تتعلق باللون والإضاءة والصورة إجمالاً، والصوت والموسيقى والمؤثرات ثم الجماليات الناتجة عن المعنى المضمن في المشهد وأداء الشخصيات والطريقة السردية التي يقدمها الفيلم لحكاية ما. وهنا سنلحظ أن العوامل التي تبرز جماليات الفيلم السينمائي، لا يكاد يمكن حصرها وينتهي الحديث حولها، ولطالما كانت هي محل النقاش والجدل والتحليل لدى النقاد والدارسين حتى على المستوى الأكاديمي في الجامعات والمعاهد المتخصصة. ومما لا شك فيه أن الوصول إلى هذا المستوى من دراسة جماليات السينما ونظريات الفيلم هو ما يعطي الفيلم قيمة أكبر من المشاهدة العادية التي تتوقف غالباً على الإعجاب بالفيلم من عدمه.

  • نشر في مجلة ” زهرة الخليج “

قصة الفيلم السعودي !

 

  • البدايات القريبة

 
يذكر الكاتب خالد البسام رحمه الله في كتابه ” يازمان الخليج ” جانبا من التغطية الصحفية التي قامت بها وسائل الإعلام في دولة البحرين الشقيقة أثناء زيارة الملك الموحد عبد العزيز آل سعود رحمه الله عام 1939 حينما أبلغ الشيخ حمد بن عيسى أل خليفة رئيس دولة البحرين إدارة المسرح بحجز عرض سينمائي يحضره الملك عبد العزيز والوفد الملكي حيث تم حينها عرض فيلما مصريا بعنوان ” الهارب ” أنتج عام 1936 . ربما هذي أبع إشارة تم توثيقها حول علاقة الدولة السعودية الثالثة التي أسسها الملك عبدالعزيز رحمه الله بالسينما .
إلا أنه على مستوى التأليف السينمائي المعتبر فربما تكون أبعد إشارة نجدها لموضوع السينما في السعودية هي ما ذكره الناقد والمؤرخ السينمائي الشهير الفرنسي جورج سادول في كتابه المهم (تاريخ السينما في العالم)، والذي يعتبره الكثير إنجيلاً للسينمائيين في العالم؛ بسبب حجم التقصي والمعلومات والجهد الذي بذله جورج سادول المتوفى سنة 1967 حينما استمر -ولمدة ثماني عشرة سنة- يقوم بتعديل الكتاب والإضافة إليه في كل طبعة حتى أكمله عام 1958 تحت مسمى (تاريخ السينما في العالم) متحدثًا باسترسال عن أكثر من خمسين دولة ذات إنتاج سينمائي بعد عناء كبير، وسنوات من السفر والتنقل والتردد على المكتبات السينمائية، وحضور أكثر من مائة مهرجان سينمائي حول العالم، والانتقال للعيش في دول متعددة؛ ليكون أقرب إلى إدراك إنتاجها السينمائي، حيث زار الهند والصين واليابان والمكسيك وكوبا والبرازيل والأرجنتين والاتحاد السوفيتي وتشيكوسلوفاكيا –في وقته- ورومانيا وهنغاريا ويوغسلافيا وتونس والجزائر ومصر وسوريا ولبنان، وكان -على حد قوله في زياراته هذه- يمتنع عن زيارة المتاحف والأماكن السياحية، ويحبس نفسه في قاعات العرض ليشاهد ما يقارب المائة فلم من الأفلام الطويلة في كل بلد، حتى خرج الكتاب في طبعته الفرنسية فيما يقرب الخمسمائة وأربعين صفحة، منها السينما العربية التي كتبها استجابة لما عهدت إليه اليونسكو بكتابة مقتطفات مكرسة عن السينما العربية، وتاريخها وحالها الحاضر وتطوراتها. وهو مع ذلك يقول عن كتابه هذا: “إنها لصفحات قليلة تعجز عن احتواء سبعين عامًا من التاريخ في سبعين بلدًا، خصوصًا إذا ما أريد للكتاب أن يظل مقروءًا، وأن لا يأتي شبيهًا بدليل للهاتف يعدِّد أسماء السينمائيين وعناوين الأفلام”.
ومع ذلك فقد واصل الإضافة حتى ما قبل وفاته بسنة، حيث ذكر في الطبعة 1967 عدة صفحات عن سينما الجزيرة العربية -ومنها السعودية- حينما قال:
 
“كانت المملكة السعودية عام 1965 الدولة الوحيدة في العالم العربي التي يجهل سكانها رسميًّا كلَّ شيء عن السينما”.
 
وهو يعزو هذا الأمر للموقف الديني المتشدد وقتها تجاه السينما، بالرغم من وجودها داخل المجمعات السكنية للموظفين الغربيين مثل موظفي شركة (أرامكو)، والتي تعرض أحدث الأفلام وقتها.
لكنه في نفس الوقت –وهو يذكر هذا عام 1966 في طبعة الكتاب الأخيرة– يقول:
 
“وبناءً على ما فعله الملك فيصل في افتتاح التلفزيون حينها، فإن هناك أيضًا اتفاقات جارية مع شركات أمريكية لبناء شبكة من دور السينما يرتادها السكان العرب” كما أشار أيضًا لشراء الملك فيصل نفسه -حين إقامته في لندن- نسختين من فيلم (لورنس العرب) التحفة السينمائية الشهيرة لديفيد لين، والحائزة على أوسكار أفضل فيلم عام 1962″.
 
وما حدث فيما بعد هو أن الصالات السينمائية افتتحت خلال السبعينات الميلادية عبر الأندية الرياضية على وجه التحديد للرجال فقط، وفي بعض السفارات الأجنبية والبيوتات الشهيرة خاصة في جدة والطائف إلا أنه كان عرضا عشوائيا يفتقد التنظيم والتهيئة اللازمة للمشاهدة والتسويق المناسب، والاختيار الجاد، بالرغم من أنها لم تدم طويلاً، حيث تم إغلاقها -وبشكل نهائي- مع أشياء كثيرة تراجع عنها المجتمع السعودي وقتها، وانسحبت الحكومة السعودية من دعمها لعدد كبير من مناشط الانفتاح كردة فعل آنية تجاه أحداث الحرم الشهيرة عام 1400، واقتحام جهيمان وجماعته لبيت الله بدعوى دينية تبناها –يشير المؤلف روبيرت ليسي في كتابه (المملكة من الداخل) لشيء كبير من هذا الأمر –.
لكننا في عام 1975 سنشهد ما يمكن أن يشير إلى أول فيلم سعودي بشكل رسمي حينما اخرج عبدالله المحيسن فيلما عن ( تطوير مدينة الرياض) وشارك به في مهرجان الأفلام التسجيلية في القاهرة عام 1976 قبل ان يقدم من جديد عام 1977 فيلما سينمائيا أكثر أهمية وحضورا وحسا فنيا وهو الفيلم الوثائقي (اغتيال مدينة) في عرض درامي حول الحرب الأهلية اللبنانية، ومدى الضرر الذي ألحقته هذه الحرب بمدينة بيروت الجميلة، وحاز حينها على جائزة (نفرتيتي) لأفضل فيلم قصير، كما كان الفيلم قد عرض في مهرجان القاهرة السينمائي عام 1977  وقد تم عرض الفيلم خارج المسابقة ضمن عروض أفلام الشخصية المكرمة في مسابقة أفلام السعودية 2008 ومهرجان جدة الثالث للأفلام عام 2008
 
وهذا ما يجعلنا نرسم ملامح المرحلة الأولى من تاريخ الفيلم السعودي، والتي يمكن تسميتها:
-مرحلة المخرج الوحيد –
حيث يتواجد فيها وكأول مخرج سعودي الاستاذ عبد الله المحيسن وحيدًا بعدد ليس بالكبير من التجارب والأفلام، والتي نجح في إيصالها خارج المملكة من خلال العروض والمشاركات في مهرجانات عربية متنوعة بدأها مع فيلم ( تطوير مدينة الرياض) ثم (اغتيال مدينة) كفيلم سينمائي ثم بعد سنوات من التوقف، يعود المحيسن من جديد عبر فيلم (الإسلام جسر المستقبل) عام 1982، والذي يصور فيه المراحل التاريخية للقضايا العربية والإسلامية بداية من هجمات التتار والمغول، مرورًا بالاستعمار الإنجليزي والفرنسي، وتسلل اليهود إلى المنطقة العربية، وانتهاءً ببروز القوتين العظيمتين في العالم، حيث يجسِّد الفيلم المعاناة العربية والإسلامية بشكل مؤثر، وقد شارك المخرج بالفيلم في مهرجان القاهرة السادس، ونال الجائزة الذهبية، كما عرض الفيلم خارج المسابقة ضمن عروض أفلام الشخصية المكرمة في مسابقة أفلام السعودية 2008.
وانتهاءً بفيلم (الصدمة) عام 1991 وهو وثائقي يقدم فيه رؤيته الخاص عما حدث في عام 1990 من أحداث غزو الكويت، ومن ثم تحريرها وحرب الخليج والأثر الذي أحدثته هذه الأزمة على المنطقة، وهو آخر أفلام المحيسن في هذه المرحلة، قبل أن يعود المحيسن نفسه عام 2006 ليشارك في المرحلة الثانية، ويسجل نفسه كأول فيلم روائي طويل أيضًا عبر فيلم (ظلال الصمت).
-مرحلة المهرجانات السينمائية-
وهي المرحلة الأهم والأبرز  والتي مازالت تواصل مسيرتها، حينما جاءت هذه المرحلة كاستجابة طبيعية للاهتمام السينمائي الكبير الذي انتشر بين عدد من الشباب السعودي مطلع الألفية الجديدة، وتمثل في كثرة المنتديات والمواقع السينمائية كالموقع الشهير ( سينماك ) الذي كان قد بدأ كموقع بسيط حول الأفلام الأمريكية باسم ( استراحة ) ثم ( موقع الأفلام العربي ) من تأسيس الشاب هاني السلطان حتى اشتهر فيما بعد باسم ( سينماك ) مع بداية الألفية وليصبح الكثير من أعضائه وخلال الثلاثة عشر سنة الماضية من أبرز شباب السينما السعوديين في مجالات الاخراج والسيناريست والكتابة الصحفية وصناعة الافلام بشكل عام ، ومن ثم كان هناك انتشار الصفحات والملاحق السينمائية والمقالات التي تتحدث بشغف واهتمام بالغ عبر الصحف السعودية ممن بدأوا بأسمائهم المستعارة في سينماك مثل محمد الظاهري وحازم الجريان وحسام الحلوة وفهد الاسطاء في جريدة الشرق الأوسط ورجا المطيري وعبدالمحسن الضبعان ومحمد الخليف وطارق الخواجي في جريدة الرياض وعبدالله ال عياف ومحمد بازيد في جريدة الوطن و عبدالمحسن المطيري في جريدة الجزيرة وغيرهم ممن مازال يعمل في الحقل السينمائي صناعة وكتابة حيث يمكن ملاحظة أن اغلب هذه الاسماء الشبابية من ابرز مؤسسي وأعضاء الموقع حينها الذي كان قد بدأ عام 2000 , ثم يمكننا الاشارة أيضا لصدور بعض الكتب السينمائية من كتاب سعوديين كحالة جديدة غير مسبوقة في مجال التأليف الفني السعودي

  • ماكتبه السعوديون في السينما

مثل كتب الاستاذ خالد ربيع السيد ( الفانوس السحري : قراءات في السينما) – لاحقا اتبعه بالجزء الثاني 2014 في قراءة لمجموعة أفلام خليجية – فيما أصدر 2008 أيضا “فيلموغرافيا السينما السعودية 1977-2007” كأحد إصدارات وفعاليات  مهرجان الأفلام السعودية
في كتابه ” الفانوس السحري” حاول المؤلف تتبع أبرز مراحل السينما منذ بدايتها مع عصر الريادة كما أطلق عليه ثم عصر الأفلام الصامتة ثم عصر ماقبل احرب العالمية الثانية ليبدا ماأسماه بالعصر الذهبي مطلع الأربعينات ثم الانتقالي فالفضي فالعصر الحديث وأخيرا عصر التكنولوجيا الحديثة  متعرضا فيما بعد للسينما الهندية والمصرية قبل أن ينتقل لعدد من القضايا السينمائية وبعض تجارب المخرجين وموضوعات في السينما العربية متخذا من الأسلوب المبسط والمختصر وسيلة للطرح  بعد ان كتب  مقدمة شيقة عن علاقته بالسينما منذ الطفولة مضمنا الكتاب عددا من مقالاته السابقة في الصحف  و في نفس العام 2008 أصدر الدكتور فهد اليحيى كتابه ” كيف تصنع فيلما .. مدخل إلى الفنون السينمائية ”
حيث هدف المؤلف إلى التوجه لهواة صناع الأفلام متحدثا بالتوضيح والصور أهم الأدوات التي عليهم أن يعرفوها إضافة لقائمة من المصطلحات السينمائية التي عرف بها بشكل ملفت مدعما ذلك بالصور والرسومات كالتصوير والإضائة والمونتاج والديكور والأزياء والخدع والمؤثرات والإخراج وغيرها الكثير  بعد مقدمة جميلة أيضا عن علاقته بالسينما منذ الصغر .
 
ولتتشكل في النهاية خلال عقد من الزمن ظاهرة فنية عمادها الشباب المتحمس والمتيم سينمائيًّا مشاهدة ومتابعة كان قد تمكن في منتصف هذا العقد الأول من الألفية الجديدة من امتلاك الجرأة ليتقدم خطوة أكثر فعالية ويشارك في المهرجانات السينمائية العربية من حوله في أبوظبي ودبي وبيروت ووهران وغيرها، وليضع نفسه في مجاراة مع التجارب الفيلمية العربية والخليجية الأخرى، مستفيدًا منها ومكتسبًا في نفس الوقت الخبرة والتجربة المشجعة للمواصلة حتى يومنا هذا، حيث حقق المخرجون السعوديون العديد من الإنجازات المشرفة في هذه المهرجانات، وحصلوا على عدد من الجوائز المهمة.

  • رواد البدايات السينمائية

ويمكننا الإشارة هنا لأبرز الأسماء والمجموعات السينمائية مثل المخرجة “هيفاء المنصور”، والتي يمكن اعتبارها أيضًا أول مخرجة سعودية، ومن أبرز أفلامها: (من ؟) حول هوية المرأة وكينونتها من خلال استلهام قصة قاتل متخفي بلباس امرأة وحجابها و (الرحيل المر) دراما شاعرية حول الفقد والذكريات، و(أنا والآخر) حول الاختلاف والوحدة الوطنية من خلال قصة ثلاثة شباب مختلفي التوجهات، تتعطل سيارتهم في منطقة بريَّة معزولة، وقد عرض الفيلم على قناة الشاشة في الشوتايم وقتها، لكن أبرز إنجازاتها جاء مع فيلم (نساء بلا ظل)، والفائز بجائزة أفضل فيلم وثائقي في مسابقة أفلام الإمارات، و(الخنجر الذهبي) في مهرجان مسقط السينمائي.
وهو رؤية ذاتية يناقش الفلم العديد من قضايا المرأة السعودية المهمة، والموقف الصعب الذي تجد نفسها فيه ما بين عادات وتقاليد اجتماعية، وبين رؤى دينية تقليدية– إلى أن تعود مرة أخرى عام 2012 لتحقيق الإنجاز الأكبر والأهم من خلال فيلمها الروائي الطويل (وجدة) الفائز بجائزة المهر العربي في مهرجان دبي السينمائي، وجائزة أفضل فيلم طويل في مهرجان الخليج السينمائي في دورته الأخيرة 2013، والمشارك في مهرجان فينيسيا، والمتوج بثلاث جوائز تقديرية هي: جائزة سينما فناير، وجائزة الاتحاد الدولي لفن السينما، وجائزة (انترفيلم)، ويجري منح هذه الجوائز لتكريم المتفوقين من المتخصصين في صناعة السينما، كما يمكن اعتباره أول فيلم سعودي طويل يصور داخل السعودية بهوية وممثلين سعوديين تمامًا، يلقى كل هذا الاحتفاء والاهتمام العالمي، وينال إعجاب العديد من النقاد ومتابعي السينما العالمية، وهو دراما اجتماعية بمزيج كوميدي حول أحلام طفلة في امتلاك دراجة هوائية وقيادتها في الشارع وسط إسقاطات اجتماعية متعددة تقدمها المخرجة هيفاء.
ومن الأسماء التي يهم ذكرها في هذه المرحلة من حيث تعدد مشاركاتها، بالإضافة لتحقيقها إنجازات جيدة، ونجاحات مشهودة باعتلائها منصات التتويج :
 
عبدالله ال عياف: الفائز بجائزة لجنة التحكيم في مسابقة أفلام الإمارات عن فيلم (إطار) 2006، وجائزة أفضل فلم قصير في مهرجان الخليج السينمائي عن فيلم (عايش) 2010، كما حقَّق فيلمه (مطر) الجائزة الثانية كأفضل روائي، وفيلمه الوثائقي (السينما500 كم) الجائزة الأولى في مسابقة أفلام السعودية في الدمام 2008.
 
بدر الحمود: أبرز المشاركين مع كل عام، وحقّق الجائزة الثالثة لأفضل فيلم قصير في فئة الطلبة عن فيلم (أبيض وأبيض) عام 2007، كما حقق مؤخرًا مع آخر أفلامه (سكراب) الجائزة الثالثة لأفضل فيلم قصير في المسابقة الرسمية لمهرجان الخليج السينمائي عام 2013.
عهد كامل: أخرجت فيلم (القندرجي) عام 2009، والذي فاز بالجائزة الأولى في مهرجان بيروت السينمائي الدولي 2010. فاز الفيلم بالجائزة الثانية في مهرجان الخليج السينمائي لأفضل فلم قصير 2010، كما فاز الفيلم بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان وهران الجزائري 2010، كما حقق فيلمها الأخير (حرمة) الجائرة الثانية لأفضل فيلم قصير في المسابقة الرسمية لمهرجان الخليج السينمائي عام 2013.
 
محمد الظاهري: ضمن مجموعة تلاشي السينمائية الفائز عن فيلم (شروق/ غروب) بالجائزة الثالثة لأفضل فيلم قصير في مهرجان الخليج 2009 وفضية مهرجان بيروت الدولي، وجائزة الفيبريسكي الاتحاد الدولي للنقاد.
حسام الحلوة: ضمن مجموعة تلاشي قدم فيلمين هما: (مابي !)، و(عودة) الفائز بأفضل سيناريو في مهرجان الخليج 2010.
 
سمير عارف: الذي شارك في المهرجانات السينمائية بعدة أفلام قصيرة مثل: (طريقة صعبة)، (نسيج العنكبوت)، و(عيون بلا روح)، و(مجرد كلمة)، و(انتظار)، كما شارك في مهرجان الخليج في دورته السادسة 2013 بأول فيلم روائي طويل هو (صدى)، والذي يحكي قصة طفل “ولِد سليمًا معافى لأبوين يعانيان من الصم والبكم، ما وضعه في مواجهة مشاكل اجتماعية ونفسية مع المجتمع الخارجي الفضولي، وخاصة زملاءه في المدرسة. ورغم سعادة الوالدين بهذا الابن إلا أن الأب يقرر الامتناع عن إنجاب آخر، ما يوقع الأسرة في صراع نفسي كبير”.
عبدالعزيز النجيم: متواجد دائم في المهرجانات، وأبرز أفلامه (تمرد)، و(احتباس)، وفيما أهمها (وينك) الفائز في مهرجان تربيكا السينمائي بالدوحة بجائزة أفضل فيلم قصير.
 
فيصل العتيبي: والمهتم بتقديم أفلام وثائقية على وجه الخصوص، حيث شارك في عدة مهرجانات عالمية متنوعة بمجموعة أفلامها أهمها: (الزواج الكبير)، وفيلم (الحصن) الفائز بالجائزة الثانية كأفضل فيلم وثائقي في مهرجان الخليج السينمائي في دورته الثانية.
 
محمد التميمي: كمخرج أفلام (أنميشن) حيث فاز مرتين متتاليتين عام 2009 و2010 بجائزة لجنة التحكيم الخاصة فئة الطلبة ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان الخليج السينمائي عن فيلمي (بي جي 13)، و(الجنطة).
وليد مطري: الفائز بالجائزة الثانية في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في مهرجان الخليج 2009 عن فيلم (انتقام)، والذي يحكي قصة “أربعة إخوة يعانون من قسوة ظروف الحياة بعد فراق والديهم. يتورط أحدهم مع أكبر عصابات المخدرات بعد أن وجد في سيارته حقيبة رئيس العصابة. هناك تتغير حياة هؤلاء وتنحدر نحو الهاوية، فيما يقتل الصغير أخاه الكبير، فتبدأ رحلة الانتقام”. كما شارك بفيلم قصير لاحقًا بعنوان (ألم طفلة).
عوض الهمزاني: الفائز في مسابقة أفلام الإمارات للأفلام القصيرة في مهرجان أبو ظبي عن فيلمه الوثائقي (فتون) بالجائزة الثانية.
 
فهمي فرحات: حقق الجائزة الثالثة عن فيلمه الوثائقي (ليلة عمر)، وفهمي متواجد بشكل متواصل عبر مهرجان الخليج، حيث قدم عدة أفلام مثل (شعر لولو المجعد) و(قصة أحمد وبابا نويل)، بالإضافة للأفلام الوثائقية (السعوديون في أمريكا) و(رجل وثلاث عجلات)، و( ليلة عمر)، وفيلم طويل هو (المؤسسة) حول مؤسسة هندسية يقرر صاحبها دمج قسمي الرجال والنساء معًا مما يخلق وضعًا طريفًا “في إسقاط اجتماعي حول قضية الاختلاط المثيرة للجدل سعوديًا”.
انجي مكي: الفائز بالمركز الثالث لأفلام الطلبة عن فيلم (بدري!) في مهرجان الخليج 2009 كما شارك لاحقًا بفيلم (رقصة متجمدة).
ممدوح سالم : والذي كان مخرجا قدم مجموعة أعمال مابين الروائي والوثائقي مثل ( انتماء  ) و ( ليلة البدر ) إضافة لتاسيسه مهرجان جدة السينمائي عام 2006 والذي كان يسمى بمهرجان العروض المرئية.
 
نايف فايز : من اوائل الشباب الذين فازوا حيث كان قد حصد عبر فيلمه الاول ” بعيدا عن أنظار الكاميرا” جائزة افضل فيلم فئة الطلبة في مسابقة أفلام الامارات عام 2007حول المعنى الحقيقي للمعاناة الانسانية بعيدا عما يمكن ان تنقله لنا عدسة الكاميرا عادة.
توفيق الزايدي : الذي قدم عدة أفلام وثائقية منذ عام 2006 لصالح قنوات فضائية  ثم فيلمه الروائي القصير ” الصمت ” الحائز على جائزة أفضل مونتالج في مهرجان جدة السينمائي  عام 2009 و ” الآخر ” الفائز بجائزة افضل فيلم قصير في مسابقة الأفلام السعودية بالرياض
طلال الحربي : وكان قد بدأ منذ مسابقة أفلام الامارات في أبو ظبي عبر فيلم ” وصول ” ثم المشاركة في مهرجان الخليج السينمائي بفيلم ” أررياض ” قبل أن يفوز عام 2013 بجائز افضل فيلم وثائقي قصير في المهرجان السينمائي لدول مجلس التعاون في دورته الثانية بالكويت عبر فيلم ” رفرفة أمل ”
عبد المحسن الضبعان : أحد ابرز أسماء مجموعة تلاشي السينمائي وكان قد قدم قدم أربعة أفلام أهمها: (الوقائع غير المكتملة لحكاية شعبية) 2010في قصة ديكودراما تجريبية رائعة وطريفة يتحقق المخرج فيها من حكاية قديمة لامرأتين تعملان على قتل الرجال الذين تزوجون على زوجاتهم وفيلم (ثلاثة رجال وامرأة) 2009 حول ثلاثة شباب يخططون لعمل فيلم لكنهم يفتقدون العنصر النسائي ضمن أفلام مجموعة تلاشي السينمائية، كما قدم بشكل مستقل فيلمي (الباص) و(المفتاح)
رجا ساير المطيري : أحد مؤسسي موقع سينماك والاسم الأول في الكتابة السينمائية والنقدية بشكل متواصل عبر جريدة الرياض وحتى الآن منذ بروز ظاهرة السينما السعودية وظل مرافقا لها بالرصد والتحليل وحاضرا في مختلف المهرجانات السينمائية والمحافل الفنية وتواجد أيضا في عدد من ملجان التحكيم .وسبق وان قدم فيلم ( هامش ) ضمن تجارب الشباب السعودي المبكرة
فهد الاسطاء : رئيس مجموعة تلاشي السينمائي والذي ساهم كتابة ونقدا وإخراجا منذ بداية الحركة السينمائية وتم تكريمه عام 2013 مرشحا عن السعودية من قبل الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربي في المهرجان السينمائي لدول الخليج العربية في دورته الثانية في الكويت ( لجهوده ودوره الريادي في فنون السينما ) وأول أفلامه كانت عبر مجموعة تلاشي بالفيلم الوثائقي ( تجربة في الطابق السابع )
 
كما يتواجد عدد من المخرجين الذين سجلوا حضورًا مهمًا في المهرجانات المتنوعة وإعجابا جماهيريًّا حتى دون تحقيق  جوائز مثل عبدالله أحمد الذي قدم خمسة أفلام هي: (الهامس للقمر)، و(المغزى)، و(الموعد)، و(كورة حبيبتي)، و(نص دجاجة)،كما شارك ممثلاً في عدة أفلام أهمها فيلم (عايش)، وعبد المحسن المطيري أحد أكثر السعوديين مشاركة بعدة أفلام تجاوزت السبعة من خلال مجموعة تلاشي السينمائية مثل (مشروع ) و ( القناع ) أو بشكل مستقل مثل (يوميات شاب على حافة الهاوية) و ( رجل بين عصابتين وقبر) و ( الحلم ) و (سكايب ) ونواف المهنا الذي قدم أيضًا مجموعة أفلام مخرجًا وممثلاً بشكل مستقل مثل (مجرد يوم) الحائز على شهادة تقدير مسابقة أفلام الإمارات 2006 أو ضمن مجموعة تلاشي مثل (آخر يوم)، و(لا يوجد سوى دجاج مقلي في الثلاجة).
وهناك غيرها من الأسماء التي بدات مبكرا ومازالت أغلبها تواصل حضورها المتكرر في عالم المهرجانات السينمائية، مثل علي الأمير ( طفلة السماء ) ، وحمزة طرزان ( النافذة )، ومحمد سندي ( فاتن تقودني الى الجنون )، وجاسم العقيلي ( مابعد الرماد )، عبدالرحمن عايل ( نكرة ) ومنصور البدران ( عنجليزي )، وطارق الدخيل الله ( حنين شاعر )، ومحمد الباشا ( عصافير الفردوس ) وغيرهم، حيث يمكن بالإجمال حصر أكثر من خمسين مخرجًا سينمائيًّا من الشباب السعودي الطموح، والذي مازال يتلمس خطوات النجاح بشغف وتحدٍّ عبر المشاركة المتكررة في هذه المهرجانات السينمائية.

  • المجموعات السينمائية … طريقة أخرى للعمل

كما أنه يمكننا ملاحظة أحد أهم ملامح هذه المرحلة، وهي تكون المجموعات السينمائية، حيث يعمد بعض الأصدقاء المهتمين سينمائيًّا لتكوين مجموعة يتعاون فيها الكل باختلاف مواهبهم وتجاربهم لإنتاج الأفلام القصيرة مثل مجموعة (القطيف فريندز) برئاسة السي فاضل الشعلة وعضوية عدد من الشباب السينمائي في القطيف مثل موسى ال ثنيان وبشير المحيشي واحمد الجارودي وجاسم العقيلي ، والتي بدأت مبكرًا، وهدفت في بادئ الأمر إلى التوجه نحو التسويق الشعبي مثل أول افلامهم ( رب ارجعون ) وهو فيلم وعظي رسالي حول شاب مقصر يرى حياته بعد الوفاة حيث انتشر الفيلم كثيرا بين اوساط الناس قبل أن تتجه المجموعة بشكل أكثر احترافية الى المشاركة في المهرجانات.لتقدم عدة افلام مثل ” شكوى الأرض ” و ” حلم بريء ” لبشير المحيشي والذي كان فيلم افتتاح مسابقة الافلام السعودية بالدمام حول صبي وحلمه البريء في امتلاك آلة تصوير و ” العصفور الازرق ” لموسى آل ثنيان وأفلام اخرى يغلب عليها الطابع الانساني والتوعوي لكنها تحقق افضل إنجازاتها عبر فيلم (بقايا طعام) 2007 للمخرج موسى آل ثنيان حول موضوع الفقر والبؤس فيما نجح الفيلم بالحصول على جائزة أفضل فيلم في مسابقة أفلام من الإمارات الدورة السابعة 2008، وجائزة النخلة الذهبية لأفضل فيلم روائي في مسابقة أفلام السعودية الدورة الأولى 2008، وجائزة أفضل فيلم روائي في مهرجان جدة السينمائي الدورة الثالثة.
 
ثم في عام 2009 تنطلق مجموعة تلاشي السينمائية بعضوية تسعة من الشباب السينمائي القادم من خلفية المتابعة السينمائية المكثفة والكتابة النقدية الصحفية مثل: محمد الظاهري في فيلمه ( شروق / غروب ) حول يوم في حياة طفل يعمل بعد المدسة بائعا في احدى شوارع الرياض فيتعرض لمواقف لا إنسانية، و حسام الحلوة في فيلمه ( مابي ) حول الفرد والجماعة واشكالية التمرد والقطيع، و (عودة ) حول زوج يعيش لحظات اتخاذ قرارا صعبا في حياته ليحرر نفسه كما يرى في الوقت المناسب، وفهد الاسطاء في فيلمه ( تجربة في الطابق السابع ) وثائقي حول الصداقة وشغف السينما حينما يقوم المخرج بتحدي ثلاثة من اصدقائه ليقوموا بإخراج أفلام حسب شروط محددة وصعبة، ومحمد الخليف في فيلمه ( حسب التوقيت المحلي ) يتعرض بشكل ساخر لموضوع اغلاق المحلات مع الاذان من خلال حكاية شاب يبحث عن شيء يأكله، و محمد الحمود في فيلمه ( ظلال ) والذي يقدم بلقطة واحدة طويلة قصة فتاة وأختها تقرران الذهاب للسوق في اسقاط حول اشكاليات جدلية في المجتمع مثل زواج الصغيرات والحجاب بالإضافة للمصور والمونيتير تركي الرويتع وعبدالمحسن الضبعان وعبد المحسن المطيري ونواف المهنا والذين سبق الحديث عن افلامهم حيث قدمت المجموعة سبعة أفلام في مهرجان الخليج 2009 حظيت بإعجاب جيد وإثارة لافتة للجدل عبر موضوعات أفلامها وطريقة تنفيذها دفع بلجنة التحكيم لمنحها شهادة تقدير ” لسعيها في تأسيس سينما شابة في السعودية ” ، كما قدمت في السنة التي تليها خمسة أفلام أخرى محققة نجاحًا جيدًا في مجمل مشاركاتها بفوز فيلمي (شروق/ غروب)، و(عودة).
وفي حين تراجعت المشاركة السعودية خلال آخر سنتين على مستوى الكم، وبحسب مستوى النجاح أيضًا، إلا أنها عادت هذه السنة 2013 من خلال نجاح كبير بفوز الفيلم الطويل (وجدة)، والأفلام القصيرة (حرمة)، و(سكراب)، و(مجرد صورة) في مهرجان الخليج السينمائي في دورته السادسة.

  • الفيلم الطويل .. يبدأ

كما أن هذه المرحلة شهدت إنتاجًا ليس بالكثير على مستوى الأفلام الروائية الطويلة، يأتي في مقدمتها الفيلم الأهم حتى الآن، والأفضل بجوائزه المتعددة فيلم (وجدة) لهيفاء المنصور، وقبله في عام 2006 كان هناك فيلم المخرج عبد الله المحيسن (ظلال الصمت) كأول فيلم سعودي روائي طويل شارك من خلاله في مهرجان أبوظبي، وفاز في مهرجان القدس السينمائي. ترشح الفيلم للمسابقة النهائية لمهرجان روما 2007م، ونافس معه 15 فيلمًا من بلدان مختلفة.
وهو يناقش أزمة الفرد العربي الواقع تحت وطأة الحاضر، ورعب المستقبل، والمحمل بتراكمات الماضي من خلال قصة يمتزج فيها الواقع بالخيال، حيث يعمد أحد الأنظمة المتسلطة باستبدال طرقه القديمة في السيطرة إلى طريقة جديدة من خلال إنشاء معهد منعزل في قلب الصحراء يبدو في ظاهره مركزًا للعلاج بالتنويم، والتأهيل بالتنويم، والتأهيل بتنمية القدرة على التحكم في النفس، وتزاول فيه، في الحقيقة، التخدير وغسيل المخ لتدمير الكفاءات الخارجة عليه. وجاء هذا الفيلم بالتزامن أيضًا مع فيلم آخر في سباق نحو تحقيق أول فيلم سعودي روائي طويل وهو فيلم (كيف الحال) الذي أنتجته شركة (روتانا) لكنه -كما يبدو- ليس سعوديًّا بدرجة كافية، حيث أخرجه الكندي “ايزدور مسلم”، وكتبه المصري بلال فضل، فيما أدى البطولة السعودي هشام عبد الرحمن، بمشاركة ممثلين من السعودية والخليج والدول العربية، لكن الفيلم يسجل نفسه كأول فيلم سعودي يعرض بشكل تجاري عبر الصالات السينمائية قبل أن تعود روتانا عام 2008 مرة أخرى لتقديم فيلم آخر، وبنفس الطريقة من خلال الممثل الكوميدي فايز المالكي في شخصيته الشهيرة (مناحي) المتصفة بالعفوية والبساطة والذكاء الفطري، حينما يترك الصحراء ليذهب إلى المدينة؛ فيواجه صعوبة التأقلم فيها، من قصة مازن طه، وإخراج: أيمن مكرم، ويحتفظ هذا الفيلم بشهرة كونه أول فيلم سعودي يعرض تجاريًّا داخل السعودية بشكل رسمي قبل أن يكثر الجدل الذي أدى إلى إيقاف عرضه بعد أن عرض في جدة والطائف ثم الرياض. ويتزامن في نفس العام أيضًا تقديم الممثل راشد الشمراني فيلمه الطويل (صباح الليل)، والذي شارك به في مهرجان الخليج السينمائي في دورته الأولى، وحظي بشهادة تقدير عن دوره في هذا الفيلم الذي أخرجه السوري مأمون البني، لكنه من قصة وسيناريو راشد الشمراني الذي حاول في هذا الفيلم أن يمارس نوعًا من الإسقاطات السياسية والاجتماعية عبر شخصيته الشهيرة (سائق الشاحنة أبو هلال) حينما يجد طريقة للعودة بالزمن إلى الوراء ليحاول ببساطته وظرافته المعهودة التدخل في تغيير مجرى ثلاثة من حوادث التاريخ العربي الشهيرة.
وبالإضافة لما سبق ذكره مثل أفلام (وجدة) لهيفاء المنصور، و(صدى) لسمير عارف، و(انتقام) لوليد مطري الفائز بالجائزة الثانية في مهرجان الخليج 2009. فإن قائمة المشاركات السعودية للأفلام الروائية الطويلة في مهرجان الخليج السينمائي ومهرجان أبوظبي وغيرها تضم أيضا فيلم (المؤسسة) لفهمي فرحات، وأفلام الرعب المتناسخة من بعضها مثل (القرية المنسية) عام 2008 لعبد الله أبو طالب حول مجموعة شباب سعوديين وسياح أجانب في زيارة لقرية معزولة يتبين أن الأرواح تسكنها، و(الشر الخفي) لمحمد هلال حول فلة مسكونة بالأرواح والأحداث المرعبة، وكان الفيلم قد شارك في مهرجان الخليج 2010. و(وادي الأرواح) والذي عرض أيضًا تجاريًّا لجراح الدوسري حول معلم يُعيَّن في منطقة نائية، فيواجه في طريقه أحداثًا وأرواحًا مرعبة أيضًا. وهو ثاني تجربة لجراح، والذي كان قد سبقها بتجربة فيلم روائي طويل أيضًا من نوع الغموض والإثارة والخيال العلمي بعنوان (استنشاق الهاوية) عام 2006.

  • السعوديون يصنعون مهرجاناتهم

بقي أن نشير إلى أن هذه المرحلة المتعلقة بالمهرجانات السينمائية انعكست ولفترة مؤقتة بشكل إيجابي تجاه الداخل السعودي، حيث أقيمت عام 2008 أول مسابقة أفلام سعودية وبشكل مهرجاني مقارب لمهرجانات السينما عامة من حيث العروض والفعاليات والتي تولى رعايتها النادي الأدبي، وجمعية الثقافة والفنون بالمنطقة الشرقية، وشارك فيها 33 فيلمًا سعوديًا داخل المسابقة بفروعها الروائية والوثائقية والأنميشن، بالإضافة لعدد من الأفلام السعودية والخليجية خارج المسابقة بلجنة تحكيم يرأسها الناقد السينمائي البحريني الكبير أمين صالح وعضوية الناقد خالد ربيع السيد والمخرج المعروف عبدالخالق الغانم والاديب الدكتور مبارك الخالدي وفهد الاسطاء وحقق المهرجان وقتها نجاحًا جيدًا ولافتًا على مستوى التنظيم أيضا يقف خلفه الأديب الشاعر أحمد الملا مدير المسابقة والذي جاء بفكرة المسابقة وبذل الكثير حتى تحققت واقعا جميلا اختتم فعالياته في حفل توزيع الجوائز بحضور وزير الثقافة والإعلام حينها الدكتور إياد مدني الذي أبدى سعادته بالمهرجان، ووعد بمستقبل أفضل للسينما والشباب السينمائي في السعودية، لكن المؤسف ذكره أن المسابقة لم تقدِّم سوى دورتها الأولى فقط قبل خمس سنوات! وفي الجهة المقابلة وعلى ضفاف المنطقة الغربية كان هناك المهرجان الأسبق، والذي بدأ عام 2006 كمهرجان عروض بمسمى مهرجان جدة للعروض المرئية تحت رعاية شركة رواد ميديا بقيادة الإستاذ والمخرج ممدوح سالم قبل أن يتحول في دورته الثالثة عام 2008 لمسمى مهرجان حقيقي، وبرعاية شركة روتانا بمسمى “مهرجان جدة للأفلام”، حيث تقترب أجواؤه بتنظيمه وفعالياته من مسمى المهرجانات السينمائية الحقيقية مبشرة بميلاد مهرجان سينمائي سعودي منافس قبل أن تتحطم أحلام الشباب السينمائي في السعودية بإلغاء المهرجان صبيحة افتتاح الدورة الرابعة عام 2009 فيما كان المشاركون والضيوف قد حطوا رحالهم في فندق الاستضافة! حيث يعزو الكثير السبب في ذلك لما ذكره جورج سادول قبل اربعين سنة وهو الموقف الديني تجاه السينما وفعاليات الأفلام عامة ومن ثم الاستجابة الحكومية لمثل هذا الموقف !
كما يجدر الإشارة الى أنه وفي نفس العام 2008 – احدى سنوات السينما الذهبية سعوديا – والذي افتتحت فيه مسابقة الأفلام السعودية كان هناك وعلى الساحل الشرقي أيضا الدورة الأولى – والوحيدة ايضا – لملتقى الأفلام القصيرة بالأحساء والمنظم من قبل لجنة الفنون المسرحية التابعة لجمعية الثقافة والفنون والذي اختتم فعالياته بحصول مجموعة القطيف فريندز على أربع جوائز من أصل ثمان هي أفضل قصة وافضل فيلم متكامل ( بقايا طعام ) وأفضل تصوير وأفضل ممثل ( شكوى الأرض).
 
وحيث إن شركة روتانا ظلَّت دائمة بهذا القرب من السينما فإنها بدأت عام 2012 بالدورة الأولى “لمهرجان الفيلم السعودي” واستمرت لدورات أخرى حيث يتقدم المشاركون بأفلامهم التي يتم عرضها فقط عبر شاشة روتانا يوميًّا طيلة أيام المهرجان أمام لجنة تحكيم تعطي رأيها بشكل مباشر، فيما يتم إعلان الفائزين في وقت لاحق وهذا ما يجعله مهرجانًا بشكل صوري نوعًا ما، حينما يفتقد التجمع الحقيقي للمهرجانات السينمائية، حيث ملتقى السينمائيين وسط فعاليات متعددة، وتبادل للخبرات ونقد التجارب. لكننا لا يمكن بأي حال سوى الإشادة بخطوة شركة روتانا التي تعاملت وفق الواقع المفروض حتى الآن سعوديًا تجاه السينما وشبابها.
 

  • المرأة السعودية .. مخرجة ناجحة ومميزة

ومما يلزم الإشارة إليه أيضا وسط هذا التصاعد الحركي سينمائيا في السعودية منذ بدايتها منتصف العقد الأول من الالفية الجديدة ومن ثم خروجها نحو العالم عبر المشاركات الخارجية إلى ظاهرة تبدو مميزة للغاية وتشكل إحدى سمات صناعة الأفلام في السعودية وهي وجود ” المخرجة ” السعودية التي تكاد تتفوق باستمراريتها وإنجازاتها خاصة بالنظر إلى فارق الظروف والإمكانيات والقبول الاجتماعي . فبعد المخرجة هيفاء المنصور التي  يمكننا اعتبارها حاليا المخرجة السعودية الأشهر من بين المخرجين السعوديين إجمالا ليس بسبب بداياتها المبكرة نسبيا فحسب وإنما استمراراها في مسيرة الاخراج السينمائي وصولا لعالم هوليوود  حينما قدمت  فيلما أمريكيا بنجوم معروفة مثل ايلي فانينغ و ميسيا ويليامز العام الماضي عبر فيلم Mary Shelley عام 2017 . ثم فيلمها عبر شبكة نتفليكس Nappily Ever After عام 2018 سنجد قائمة أخرى كبيرة من العمل والإنجاز السينمائي لعدد من المخرجات السعوديات طيلة السنوات الماضية مثل المخرجة المميزة عهد كامل قد تواجدت في فيلم هيفاء بدور رئيسي في فيلمها وجدة كممثلة رائعة استطاعت مؤخرا عام 2018 أن تحقق إنجازا مهما حينما شاركت في تمثيل دور مهم في المسلسل البريطاني Collateral بجانب النجمة كالري موليغان ومن تأليف الكاتب ديفيد هير الذي سبق وأن كتب أفلاما مهمة مثل ” الساعات ” و ” القاريء ” , لكن عهد كامل قبل ذلك كانت قد قدمت نفسها كمخرجة متميزة منذ عام 2009 بفيلم قصير بعنوان ” القندرجي ”  من بطولة المصري عمرو واكد في دور  إسكافي عراقي، يعود إلى عائلته بعد أن أسرته قوات الاحتلال ظلماً لمدة عامين كاملين. حيث تلاحقه ذكريات كئيبة حتى منزله . وهو الفيلم الذي فاز بجائزة «الف» الذهبية لأفضل فيلم شرق أوسطي قصير وذلك في الدورة العاشرة لمهرجان بيروت الدولي للسينما  وجائزة  لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان وهران الجزائري  2010 كما فاز بالمركز الثاني كافضل فيلم قصير في مهرجان الخليج السينمائي في دبي في دورته الثالثة  . قبل أن تكرر هذا الانجاز مرة أخرى حينما فاز فيلمها الأخير ” حرمة ” بالمركز الثاني ايضا في دورة مهرجان الخليج السينمائي عام 2013 وتكرر انجاز الفوز ايضا بذهبية مهرجان بيروت السينمائي في دورته الثالثة عشر من بين اكثر من 70 فيلما عربيا قصيرا كما شارك الفيلم ضمن المسابقة الرسمية في مهرجان برلين للأفلم القصيرة . حيث يحكي الفيلم بحس إخراجي مميز قصة امرأة يموت عنها زوجها وهي حامل لتبقى وحيدة تصارع من أجل بقائها وتحسين معيشتها وسط إجحاف القانون ومطامع الآخرين حولها .
ويزامن تلك الفترة مخرجة مختلفة في رؤيتها الفنية وهي  ريم البيات والتي تواجدت ايضا مع بدايات الصناعة الفيلمية النسائية أواخر العقد الاول حيث كانت قد بدات أول أفلامها  ” ظلال ” عام 2008 مشاركة حينها في مهرجان الخليج السينمائي بدبي , لتتوجه بعدها بفيلم ذي طابع تجريبي مثير حينما اعتمدت أكثر من 5000 صورة فوتغرافية لتكوين فيلما قصيرا مدته 6 دقائق بعنوان ” دمية ” والذي اختير في مهرجان «الربيع العربي» في باريس وشارك في الدورة الثالثة لمهرجان الخليج السينمائي في دبي حيث يتناول الفيلم  في إسقاطة ذكية وحادة موضوعا مؤلما حول زواج القاصرات !! بينما حققت أكثر انجازاتها بما يقارب 11 ترشيحا في مهرجانات دولية وفوزها كافضل مخرجة في مهرجان مدرير وميلان 2017  بفيلمها القصير الأخير ” ايقظني ” والمشارك في مهرجان دبي السينمائي في مسابقة المهر الخليجي القصير و الذي تسرد فيه بحس شعري لمدة 24 دقيقة قصة أزمة منتصف العمر عبر امرأة تحاول استعادة هويتها في ظل احساسها بالرفض الاجتماعي والشعور بالتأنيب .
ومن عالم الكتابة الفنية والنقدية في الصحف والمجلات  وكتابة النصوص الدرامية تأتي المخرجة هناء العمير لتقدم  أول أفلامها عام 2009 بفيلم وثائقي مفعم بالموسيقى بعنوان ” بعيدا عن الكلام ” ترصد فيه زيارة فرقة ارجنتينية تعزف التانغو للرياض ولقاءها بفرقة  غنائية سامري من عنيزة . وكان الفيلم قد شارك ايضا تلك السنة في مهرجان الخليج السينمائي قبل أن تعود هناء مرة أخرى لاخراج أول افلامها الروائية القصيرة بعنوان ” شكوى ” والحاصل على الجائزة الأولى ” النخلة الذهبية ” كأفضل فيلم في مهرجان الأفلام السعودية في دورته الثانية عام 2015 , حيث يحكي الفيلم قصة أمرأة موظفة تتداخل في حياتها مشاكل وضعها المهني وحياتها العائلية ليخلق لديها ارتباكا  نفسيا ربما يؤثر عليها  في اتخاذ قراراتها , وكانت هناء قد أحدثت تعاونا ناجحا مع المخرجة هند الفهاد في كتابة سيناريو فيلم ” بسطة ” 2015 للمخرجة هند والفائز بجائزة أفضل سيناريو في مسابقة الفيلم السعودي في مركز الملك فهد الثقافي 2017 وقبلها حقق أهم جوائزه وهي جائزة لجنة التحكيم الخاصة لافضل فيلم خليجي قصير في مهرجان دبي السينمائي  عام 2015 والنخلة الفضية في مهرجان الأفلام السعودية  وأفضل فيلم في مهرجان الشباب للأفلام في جدة والمركز الثالث كأفضل فيلم خليجي في مهرجان دول مجلس التعاون في أبوظبي . وبعد هذا النجاح الكبير في فيلم ” بسطة ”  والذي يحكي وقائع يوميات النساء البائعات على الأرصفة . تستعد حاليا المخرجة هند الفهاد لفيلمها الجديد ” شرشف ” الذي يأتي كرابع أفلامها بعد ” ثلاث عرائس وطائرة ورقية ” عام 2012 و يتحدث عن تنميط المجتمع للمرأة وتحديد فرص تطلعها المستقبلية , وكان الفيلم قد شارك في مهرجان ابوظبي ومهرجان الأفلام السعودية في دورته الثانية 2015 , ثم فيلم ” مقعد خلفي ” عن دكتورة تتعطل حياتها وتنقلاتها المتعددة بسبب عدم قدرتها على قيادة السيارة في لفتة نحو موضوع تمكين المرأة في المجتمع بضرورة اعطائها حقوقها على قدر المساواة مع الرجل حينما تتكفل ايضا بنفس المسؤوليات . وهو الفيلم الذي كان قد شارك ايضا في مهرجان الخليج السينمائي 2013 ومهرجان الفيلم العربي في اريزونا .
في عام 2014 يبرز ايضا اسم شهد أمين حينما فاز فيلمها  ” حورية و عين ” بجائزة  أفضل فيلم وافضل تصوير في مهرجان ابوظبي في مسابقة الأفلام الروائية القصيرة والجائزة الثانية ” النخلة الفضية ”  في مهرجان الأفلام السعودية  في دورته الثانية 2015 وكان الفيلم قد شارك أيضا  2013  في برنامج اصوات خليجية في مهرجان دبي السينمائي حيث يحكي الفيلم في دراما فانتازية جميلة قصة الفتاة الصغيرة حنان التي تعيش مع والدها الصياد على ساحل البحر لتكتشف انه يقوم بصيد الحوريات لانتزاع اللآليء منها !
المخرجة شهد امين خريجة معهد متروبوليتان  الفني في لندن كانت قد درست ايضا كتابة السيناريو في نيويورك كانت قد بدات أول أفلامها ” موسيقانا ” ثم ” نافذة ليلى ” عام 2012 والذي تم  عرضه في الدورة الخامسة من مهرجان الخليج السينمائي حول طفلة صغيرة منعزلة خلف نافذة غرفتها في عالم وهمي تسعى فيه لمعرفة لغز الحياة .
فيما تستعد حاليا المخرجة شهد  لتجربتها الروائية الطويلة عبر فيلم ” حراشف ” عبر حكاية فتاة صغيرة تتجاوز حادثا موجعا لتمارس حياتها وسط وحدتها وانعزالها .
وفيما تقوم المخرجة هناء الفاسي حاليا بدراسة  الماجستير تخصص سينما في أكاديمية نيويورك للأفلام  في أمريكا لتعزيز موهبتها وشغفها السينمائي بعد ان  كانت قد تخرجت  سابقا من اكاديمية فنون وتكنولوجيا  السينما لرأفت الميهي  في مصر وبدات اولى تجاربها الفعلية مع فيلم تجريبي قصير بعنوان  ” جاري التحميل ” والحاصل على جائزة افضل فيلم وافضل مخرجة في مهرجان أمريكا السينمائي الدولي بميتشيغان  قسم الافلام التجريبية  والجائزة الفضية للافلام القصيرة من مهرجان كاليفورنيا وهو حول رجل يتم دفنه في إحدى المقابر لكنه يحاول النهوض حال انصراف الناس ليلحق بالحياة من جديد. وهو الفيلم الذي بدأت فيه علاقاتها مع المهرجانات السينمائية حينما شاركت في مهرجان الخليج السينمائي عام 2010 . قبل ان تتوجه لموضوعات أكثر تحديدا وواقعية  كما في  فيلم ” السحور الأخير ” 2016 والذي يستعرض قصة مجموعة من النساء العربيات المقيمات في الخارج حينما يجتمعن لتناول السحور الأخير في آخر ايام شهر رمضان بمشاركة مع فتيات امريكيات لتبدا حينها الحوادث والمفارقات الكوميدية . ثم الفيلم الاكثر درامية وملامسة اجتماعية  ” حلاوة ” عام 2017 والذي شارك في مسابقة المهر الخليجي القصير في مهرجان دبي السينمائي حيث يحكي الفيلم قصة فتاة تصل لسن البلوغ لتضطر لإخفاء الأمر عن عائلتها حتى تتجنب ارتداء الحجاب وتغطية وجهها !
فيما يبدو مشروعها القادم مع فيلمها الروائي الطويل الاول ” رجال الورد ” والذي قد وقع عليه الاختيار للمشاركة في ملتقى دبي السينمائي كما  اعلنت ذلك الهيئة الملكية الاردنية للأفلام بعد مشاركة المشروع في البرنامج التدريبي : محترف الشرق الأوسط للأفلام وقبوله في ورشة راوي وميد فيلم فاكتوري.
ومن الملفت للنظر كثيرا في السنوات الأخيرة هو ازدياد شريحة المخرجات السعوديات حيث سنلحظ أن الدورة الثالثة من مهرجان أفلام السعودية  2016 قد بلغ المشاركة فيه22 مخرجة سعودية قياسا بالدورة الثانية التي شارك فيها 9 مخرجات فقط فيما تواجد في الدورة الرابعة 12 مخرجة مشاركة  حيث تبرز في هذه المرحلة  مجموعة من الاسماء الجديدة المميزة اخراجيا مثل مها الساعاتي التي تقدم أفلامها بطريقة تجريبية وغرابة درامية فنية حيث شاركت عام 2016 في مهرجان أفلام السعودية بفيلم ” عش ايلو ”  ويروي  حكاية  صديقتين تلعبان  بالدمى فيما تظهر امرأة غريبة لتخبرهن عن أسطورة أسوانق الفلبينية، والتي ينفصل رأسها عن جسدها للبحث عن دماء البشر. يحرك الفضول إحداهن للبحث عن عش هذا الوحش في حقول مجاورة، فتضطر صديقتها لمواجهة مخاوفها الدفينة. ثم شاركت من العام التالي بأحد افضل أفلام مهرجان أفلام السعودية في دورته الرابعة 2017 بفيلم ” الخوف : صوتيا ” حينما تفصح المخرجة عن مشاعر أنثوية مرتبكة وكأن عدة أطراف ” ذكورية ” تساهم في صنع اوهامها حيث تلوح علامات القيامة في الأفق، فيما تنتظر أمل سماع الصوت الذي سينهي البشرية. وفي خضم صراعها مع أحاسيس الخوف والذنب، يغزو ضيوف غير متوقعين مقر عملها ” كما يبرز ايضا اسم المخرجة هاجر النعيم  طالبة إنتاج وإخراج سينمائي بكلية الأفلام بجامعة لايولا ماريمونت بلوس أنجلوس، ونالت شهادة الإنتاج السينمائي من كلية الأفلام بجامعة كاليفورنيا والتي شاركت ايضا عام 2016 في مهرجان أفلام السعودية بفيلم ” أمل ” حول طبيبة تسعى لانقاذ والدتها المصابة بمرض نادر بصنع دواء جديد تقوم بتطويره , لكن مشاركتها الأبرز كانت في مسابقة المهر الخليجي القصير في مهرجان دبي السينمائي بفيلم ” احتجاز ”  2017  والذي يروي قصة الفتاة السورية لارا، التي سافرت إلى أمريكا بعد تفاقم أحداث العنف والحرب في بلادها، إلا أن خيبة الأمل كانت سيدة المشهد عندما أوقفها الأمن القومي الأمريكي، إثر تورط والدها في أحداث إرهابية وقعت في مطار لندن. فيما شاركت ايضا في مهرجان دبي السينمائي 2015 في مسابقة المهر الخليجي القصير ندى المجددي إحدى دارسات السينما في لوس انجلوس بفيلمها ” كيكة زينة ” والفائز ايضا بجائزة افضل فيلم قصير في مهرجان الشارقة  السينمائي الدولي للطفل حيث يروي الفيلم بأسلوب كوميدي خفيف قصة الفتاة زينة التي تحولت هوايتها في صنع الكيكة الى مجال عمل مؤثر في حياتها وعلاقاتها ! وفي نفس المسابقة كانت هناك ايضا المخرجة السعودية الشابة مرام طيبة والتي قدمت فيلم ” منكير ” في دراما تسعى فيه دينا إلى ايجاد حلا سحريا  لتحسين علاقتها الزوجية رغم ظروف البعد . والمخرجة رنا الجربوع التي قدمت فيلما وثائقيا بعنوان ” هجولة ” حيث تفصح المخرجة بطرافة عن إحدى أغرب الهوايات واخطرها ” التفحيط ”  مما يمارسه الشباب في السعودية بسياراتهم .

  • مخرجون جدد .. يلحقون بالركب

ومن جهة أخرى لابد أيضا من الأشارة إلى تلك الأسماء الجديدة في السينما التي ظهرت في السنوات القريبة ممن حققت إنجازات مشهودة داخل السعودية وخارجها مثل المخرج عبدالعزيز الشلاحي الفائز بالجائزة الأولى لأفضل فيلم قصير في مهرجان أفلام السعودية في دورتين متتاليتين عبر فيلمي ” كمان ” و ” المغادرون ” ومحمد الهليل الفائز بجائزة أفضل فيلم روائي قصير في مهرجان بيروت السينمائي عن فيلم ” ماطور ” وجائز لجنة التحكيم في مسابقة المهر الخليجي القصير في مهرجان دبي السينمائي عام 2016 وأفضل فيلم طلبة في مهرجان أفلام السعودية عن فيلم «300 كم» و محمد سلمان الفائز بجائزة أفضل إخراج لفلم “السيكل” بمهرجان الفلم السعودي 2013 وجائزة النخلة الذهبية لفلمه الوثائقي “أصفر” في مهرجان افلام السعودية 2016 , أفضل مخرج عن فيلم ثوب العرس بمسابقة الاقلام القصيرة بالرياض ٢٠١٨
 
ومحمد السلمان مخرج فيلم ” لسان ” الفائز في مهرجان أفلام السعودية في دورته الرابعة بجائزة لجنة التحكيم . وحسين المطلق صاحب فيلم ” عاطور ” الذي شارك في مهرجان مالمو في السويد ومهرجان الشارقة. وفيلم ” باص 123″ والذي شارك ضمن ” أصوات خليجية ” في مهرجان دبي السينمائي 2014 .. وغيرهم من المخرجين . كما أن برنامج الابتعاث كان فرصة للعديد من الشباب السعودي لدراسة السينما خارج المملكة ضمن أكاديميات وكليات متخصصة نتج عنها بروز بعض الأسماء الشبابية وتقديمها لأاكثر من عمل ومشاركتها في عدد من المهرجانات لعل أبرزها المخرج رائد السماري الذي استطاع مؤخرا في يناير 2019 تحقيق إنجازا كبيرا بفوزه في مهرجان ساندانس الشهير بجائزة لجنة التحكيم للأفلام القصيرة العالمية غير الأمريكية حيث كان قد دخل المنافسة مع 51 فيلماً من مختلف دول العالم،

  • ومايكتبه السعوديون عن السينما … يستمر

كما شهدت السنوات القليلة الماضية أيضا عودة التأليف السينمائي  ففي عام 2012 أصدر الكاتب طارق الخواجي كتابه “قلعة الأنمي ..تجربة اقتحام ” وبالرغم من تخصص الكتاب بالأنمي الياباني إلا إنه تعرض للكثير من أفلام السينما اليابانية والشهيرة في ثنايا بحثه الكبيروالاستقصاء اللافت حديثا وتحليلا والذي يجعل الكتاب فريدا من نوعه وإضافة مهمة للمكتبة العربية تراكمت فيه المعلومات التي وضعها في عدة فصول تتناول تاريخ الأنمي والمانجا منذ بدياته وابرز تصنيفاته وثيماته الرئيسية وأهم رموزه في الكتابة والإخراج
ثم في عام 2016 تصدر الناقدة والمخرجة هناء العمير استجابة لفعاليات  مهرجان الأفلام السعودية في دورته الرابعة كتابها المميز وعيا وتحليلا والذي خصصته لسيرة وأفلام المخرج الياباني الكبير اكيرا كوروساوا بعنوان   “ساموراي السينما اليابانية ” ليشكل إضافة جديدة أيضا للمكتبة العربية حينما تناولت بكتابة رشيقة وممتعة أبرز خمسة عشر فيلما للمخرج الكبير كوروساوا بجانب ذكر شيء من حياته وعلاقاته الفنية مع من أسمتهم بمجموعة كوروساوا من مخرجين وكتاب ومصورين قبل أن تختتم الكتاب بترجمة الحوار الذي دار بين كوروساوا و الروائي الشهير غارسيا ماركيز.
و في عام 2017 يقدم الكاتب والناقد السينمائي حسن الحجيلي كتابه ” السينما الجديدة ..تأملات في موت السينما بعد سيطرة الثورة الرقمية ” والحقيقة ان الكتاب يحوي عددا من موضوعات وقضايا السينما المهمة والحديث عن المخرجين وسرد لقائمة بأهم الأفلام السينمائية أكثر مما يدل عليه العنوان! الذي أسهب فيه الكاتب بشكل ملفت حول أثر السينما الرقمية على شكل الفيلم والسينما الحديثة مختتما كتابه بفصل شيق ومهم بعنوان  ” التذوق السينمائي ” الذي ذكر فيه قائمة مختارة تمثل توصيته الخاصة بالمشاهدة لعدد من أبرز وأهم الأفلام منذ بداية السينما. كما أعلن الكاتب والمخرج فهد الاسطاء عام 2018 عن مدونته السينمائية Cinemesta.com والتي أدرج فيها كتاباته ورأيه عن أكثر من 1000 فيلم منوع ومختلف من أنحاء العالم فيما يستعد لتحويل هذا المحتوى الكبير لكتاب مطبوع .
 

  • قفزة كبرى .. أفلام طويلة تنافس خارجيا

كما لايفوت الإشارة أيضا إلى إحدى الظواهر المهمة مؤخرا وهي إنتاج الأفلام الطويلة والمشاركة في المهرجانات والمحافل الدولية فبعد فيلم هيفاء المنصور ” وجدة ” عام 2013 يأتي المخرج محمود صباغ ليقدم عام 2016  فيلمه الروائي الطويل الأول ” بركة يقابل بركة ” والذي استطاع أن يشارك في قسم اول فيلم في مهرجان برلين السينمائي كما حصل على جائزة Prize of the Ecumenical Jury كما شارك فيما مهرجان هونغ كونغ وبالمس برينغ قبل أن يعود مرة أخرى عام 2018 ليقدم فيلمه الطويل الثاني ” عمرة والعرس الثاني ” والذي شارك في مهرجان القاهرة السينمائي . كما يقدم في نفس السنة المخرج عبد المحسن الضبعان فيلمه الروائي الأول ” آخر زياردة ” والمخرج عبد العزيزالشلاحي فيلمه ” المسافة صفر ” وكلاهما بدعم من مكرز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي / إثراء ضمن مسابقة أيام الفيلم السعودي .
 
-مرحلة الإعلام الجديد-
وهي ليست مرحلة لاحقة بقدر ما جاءت متداخلة مع مرحلة المهرجانات السينمائية في السنوات الأخيرة كنتيجة طبيعية لانتشار مواقع التواصل الاجتماعي، فرضتها ظروف التسارع في التقدم التقني، ومستوى التواصل الكبير عبر مواقع الإنترنت، وهي ما يمكن أن نسميها أيضًا بمرحلة أفلام “اليوتيوب والفيمو” أيضًا، لكن المواقع الأخرى -مثل تويتر والفيسبوك- تبدو المواقع الأفضل للدعاية والنشر، حيث يبدو الهدف الأساسي عبر استهداف الجمهور السعودي للمشاهدة، والذي لا يتمكن غالبًا من مشاهدة الأفلام السعودية المعروضة دائمًا خارج السعودية، بالإضافة لكون أفلام هذه المرحلة تعنى بشكل كبير بتلك القضايا الإنسانية والاجتماعية، والسعي وراء إيصال صوتها لأكبر شريحة ممكنة وهو ما يتحقق دائمًا حينما ننظر مثلاً لتجربة المخرج بدر الحمود، الذي حقَّق عبر فيلمه اليوتيوبي (مونوبولي) حول مشكلة السكن في السعودية أكثر من مليون مشاهدة خلال أسبوع واحد فقط، وهو ما يشكل أضعاف مشاهدة جميع الأفلام السعودية منذ بدأت. ومما يجدر ذكره أن المخرج الحمود أبرز وأنجح مخرجي هذه الفترة كرر نجاحه وإن كان بشكل أقل عبر فيلمي (كروة) حول البطالة، و(عمار)، الذي يلقي الضوء على حالة من الإعجاز وتحقيق المستحيل بطلها الشاب المقعد تمامًا عمار بوقس. وفي هذا المجال أيضا كانت انطلاقة القناة الأشهر حاليا في تقديم الأفلام وهي ” تلفاز 11″ والتي منها عرف الكثير أسماء المخرجين مثل علاء يوسف وعلي الكلثمي صاحب فلم ” وسطي ” و مشعل الجاسر صاحب فيلم «سومياتي بتدخل النار» كما وكان اليوتيوب أيضا أنطلاقا لعدد من المخرجين الذي قدموا فيما بعد أفلاما سينمائية لافتة مثل المخرج علي السمين الفائز بجائزة أفضل تصوير عن فيلم  “لا أستطيع تقبيل وجهي” والمخرجان فارس وصهيب قدس اللذان قدما الفيلم الكوميدي ضمن مسابقة أيام الفيلم السعودي ” ومن كآبة المنظر ” وعبدالرحمن صندقجي صاحب الأفلام الوثائقية ” جليد ” ” آل زهايمر ” “الكهف ” و ” جليد ” الفائز بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان أفلام السعودية 2017..وعبدالرحمن جراش صاحب فيلمي ” كداد ” و ” مزبن ” .. و أنجي مكي صاحب فيلم ” بدري ” و محمد الملا صاحب فيلم ” ماتبقى ”  وعبدالرحمن الجندل صاحب فيلم ” جابر ” وغيرهم آخرون
 
وبالإضافة لكون هذه المرحلة أيضًا وسيلة للكسب التجاري بطريقة ما فإنها أيضًا ستظل -ولفترة طويلة- الخيار الأولي لعدد من المخرجين الراغبين بإيصال أصواتهم حول قضاياهم التي يؤمنون بها، أو طرح رؤيتهم السينمائية عبر أفلامهم وتلقي آراء المشاهدين حولها بشكل مباشر، والحصول على قدر كبير من المشاهدين وسط انعدام إقامة المهرجانات السينمائية في السعودية، وصعوبة المشاركة أحيانًا في المهرجانات الدولية، والتخلي التام من قبل الوزارات المعنية والأجهزة الحكومية عن دورها في دعم الصناعة السينمائية في السعودية. في تلك الفترة قبل أن تتغير الأمور جذريا ..
-مرحلة الدعم والانتشار –
وهي المرحلة التي نعيشها حاليا والتي تمثل أصدق انعكاس لرؤية وطموح وعمل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بن عبدالعزيز   وتحت قيادة والده الملك سلمان حفظهما الله  تزامنا مع كل التغيرات الكبيرة والجميلة التي تشهدها السعودية في أكثر من مجال ومنها المجال الفني والترفيهي  حيث يمكننا القول الآن أن كل هذا الشغف والطموح والإصرار الذي بدأ منذ أكثر من عشرين سنة لدى الشباب السينمائي السعودي يعيش الآن تتويجا كبيرا بسبب الدعم الرائع الذي تتلقاه السينما وصناعها في السعودية حكوميا ومؤسساساتيا مابين الدعم المادي والمعنوي والرعاية الحكومية  ففي الحادي عشر من ديسمبر 2017 تم الإعلان عن السماح بافتتاح صالات العرض السينمائية مما سيشكل مستقبلا فرصة كبيرة لاستمرار الإنتاج السينمائي السعودي متى ماوصلت الصناعة الى مرحلة مقنعة على المستوى الفني والجذب الجماهيري والعائدات المالية . ثم في العشرين من مارس 2018 أعلنت الهيئة العامة للثقافة في السعودية مايمكن اعتباره مفصلية في صناعة السينما السعودية ونجاحاتها المنتظرة ..حينما أعلنت عن إنشاء ” المجلس السعودي للأفلام ”  معبرة عن هذا الأمر بأنه ” يأتي دعما للتنمية المستدامة لقطاع صناعة الأفلام في المملكة … و دعم المواهب، وتطوير القدرات الاستثمارية، لخلق قطاع حيوي ومزدهر لصناعة الأفلام والمحتوى الإبداعي.” كما غرد حساب الهيئة في تويتر .
فيما جاء في الخبر الذي حملته الصحف والمواقع الإخبارية ذالك الوقت بأن إنشاء هذا المجلس ” يهدف إلى تطوير قطاع حيوي وبيئة مزدهرة لصناعة الأفلام والمحتوى في المملكة، من خلال آليات التنمية الاستراتيجية والمستدامة، عبر المحاور الرئيسة للقطاع: “برامج التنمية والرعاية المتكاملة للمواهب، والأطر التشريعية والتنفيذية الداعمة والمرنة، والبنية التحتية والتقنية المتطورة للإنتاج الفني، وإتاحة الحلول والخيارات التمويلية، ومبادرات تطوير القطاع الثقافي بشكل عام في المملكة والترويج له ولهوية المملكة وثقافتها، داخل وخارج المملكة” .
ومن جهة أخرى  فإنه خلافا للمهرجان الأول في السعودية ” مهرجان أفلام السعودية ” في الدمام-أصبحت المسابقات والمهرجانات والعروض منتشرة بشكل كبير في أنحاء المملكة عبر جمعيات الثقافة والفنون والمراكز الثثافية وبعض الجهات المهتمة كما تقوم القنوات الفضائية أيضا مثل القناة السعودية بعرض البرامج المتخصصة في السينما ومنها البرامج التي تعرض أفلاما سعودية لعدد من المخرجين الشباب كما هو برنامج ” أفلام على السعودية ” فيما يأتي الدعم المالي الأكبر حتى الآن هو ماقام به مرز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي /إثراء التابع لأرامكو حينما أعلن عن مسابقة ” أيام الفيلم السعودي ” حيث يتقدم الراغبون من السينمائيين بتقديم نصوصه القصيرة والطويلة ثم يتم بعد عدة لجان اختيار سبعة أفلام قصيرة وفيلمين طويلين ليتم دعمها بشكل مالي كبير ودعم مخرجيها عبر عدد من الدورات المهمة داخل المملكة وخارجها وقد شهدت الدورة الأخيرة فوز سبعة نصوص قصيرة هي ” لون الروح ” لفهد الاسطاء , ” مخبزنا ” أنميشن لأبرار قاري . ” صلة ” لحسام الحلوة . ” الكهف ” وثائقي لعبدالرحمن صندقجي . خمسين ألف صورة ” لعبدالجليل الناصر” ولد سدرة ” لضياء يوسف . ” ارتداد ” لمحمد الحمود .  ونصين طويلين هما ” آخر زيارة ” من كتابة فهد الاسطاء وعبد المحسن الضبعان الذي قام أيضا بإخراج العمل و ” المسافة صفر ” من كتابة مفرج المجفل وإخراج عبد العزيز الشلاحي وتم الانتهاء من تصويرجميع هذه الأفلام والتي سيتم عرضها خلال عام 2019 إضافة لمشاركتها في عدد من المهرجانات الدولية . وهي السنة الثانية التي تقوم فيها إثرا ء بمثل هذا الدعم لكنها الدورة الأولى التي تجعل الدعم منوطا بالفوز حين تقدم النصوص .حيث سبق في عام 2016 دعم مجموعة أخرى من الأفلام القصيرة والتي تم عرضها أيضا في عدد من الدول خارجيا وأهمها العرض الشهير في لوس أنجلوس حيث ذكر حينها موقع NEW BAY MEDIA الامريكي في  سياق تقرير ترجمته عنه الرياض بوست  ان مدينة هوليوود تسعى لتبني جيل جديد من صناع السينما في  المملكة العربية السعودية  مشيرا الى ان هذا الحدث هو الاول من نوعه الذي يحتفل  بالمواهب الإبداعية السعودية في قلب عاصمة السينما العالمية. كما نظم مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي «إثراء»، في الفترة من 10-16 أكتوبر 2017م، فعالية «أيام الفيلم السعودي» في العاصمة الإنجليزية لندن، والتي تأتي ضمن جولة تعريفية للأفلام السعودية، إلى الاحتفاء بصناع الأفلام في المملكة وتعريف الجمهور الإنجليزي بقصص سعودية من خلال عدسات مبدعيها.حيث تضمنت الجولة عرض عدد من الأفلام السعودية وهي: «بلال»، «المغادرون»، «القط»، «لا أستطيع تقبيل وجهي»، «شكوى»، وجلسات حوارية مع مخرجيها، كما تتضمن الجولة ورشة عمل في صناعة الأفلام والتصوير السينمائي وزيارات لأهم وأكبر استديوهات الإنتاج في المملكة المتحدة، يسعى المركز من خلالها إلى إثراء تجربة المخرجين السعوديين عبر لقاء مخرجين عالميين وتبادل الرؤى والخبرات والاتجاهات.
ثم عاد 2018 لتحتضن مدينة لوس أنجلوس الأميركية فعالية «أيام الفيلم السعودي» في دورتها الثانية، فخلال ثلاثة أيام ثم عرض عدد من الأفلام والتي كانت أغلبها بدعم من إثراء مثل     ، «سومياتي بتدخل النار» للمخرج مشعل الجاسر، «وسطي» للمخرج علي الكلثمي،.  والوثائقي«القط» للمخرج فيصل العتيبي. إضافة للأفلام »كيكة زينة» للمخرجة ندى المجددي،«300 كم» للمخرج محمد الهليل، «الآخر» للمخرج توفيق الزايدي، «بسطة» للمخرجة هند الفهاد،«عاطور» للمخرج حسين المطلق، «مخيال» للمخرج محمد سلمان و«لسان» للمخرج محمد السلمان، وفيلم «الظلام هو لون أيضاً» للمخرج مجتبى سعيد. واصبح الآن من المعتاد إقامة الأيام الثقافية السعودية بفعالياتها المتنوعة في مختلف دول العوالم والتي يصاحبها غالبا عرض مجموعة من الأفلام السعودية كما وصارت المشاركة في المهرجانات الدولية خاصة المتعلقةبالأفلام القصيرة سمة ثابتة للمخرجين السعوديين .

أفلام نوار.. الشكل والموضوع كتصنيف مختلف!

في عام 1955 نشر المخرج ريموند بوردي وإتيان شوميتون، كتاباً بعنوان «بانوراما الفيلم الأسود الأميركي» ليصبح أشبه بالإعلان الرسمي، لاستخدام مصطلح (فيلم نوار/ Noir) على نوعية محددة من الأفلام وتصنيفاً إضافياً، يمكن أن توصف به هذه الأفلام داخل إطار دراما الجريمة والغموض.
تمرد شكلي
بطبيعة الحال كان النقاد الفرنسيون حينها وتزامناً مع التغيير وثورة التمرد الشكلي، اللذين يقودهما مخرجو الموجة الفرنسية، يذكرون هذا النوع من الأفلام بالثناء على مستوى الشكل، مطلقين مصطلح (أسود / نوار) إشارة إلى أجواء الأفلام المفعمة بالظلام، واستخدام الإضاءة المنخفضة، وهو ما يشير إلى تأثر هذا النوع من الأفلام أيضاً، بموجة التعبيرية الألمانية التي بدأت في العشرينات، بينما نشطت ظاهرة أفلام النوار مع عقد الأربعينات، مع أفلام من نوع الصقر المالطي / The Maltese Falcon لجون هيوستن وThe Big Sleep لهوارد هاوكس وMurder, My Sweet لإدوارد ديمتريك وغيرها من الأفلام، التي ظهرت بعد الكساد الكبير في أميركا، ونشطت إثر نهاية الحرب العالمية الثانية في الفترة الكلاسيكية في هوليوود، ويقصد بها أفلام جريمة متقنة، تكمن فيها شخصيات ساخرة بأبطال باردين وممثلات إغراء، وطريقة سرد شيقة ذات مؤامرات معقدة وأسلوب متكرر في الرجوع للماضي وتضمين عرضي لأفكار وجودية وفلسفية أخلاقية.
مؤرخون
بينما يرى المؤرخون السينمائيون أن ظهور هذا النوع من الأفلام، هو تعبير فني عن الشعور بخيبة الأمل بعد حوادث سياسية واقتصادية عدة، مثل الكساد الكبير في الثلاثينات، وظهور المكارثية والتهديد النووي، مما عزز المخاوف الاجتماعية وعدم الشعور بالسلم في النفوس، كما هي السينما عادة التي تأتي انعكاساً أميناً لمتغيرات الواقع سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
لكن الأمر الذي يعنينا هنا بطبيعة الحال أننا شهدنا شكلاً فنياً جميلاً لا يزال يلقي بأثره على السينما العالمية، بعد أن ترك لنا إرثاً كبيراً من روائع السينما، حيث كثرت المؤلفات السينمائية، التي تتحدث عن هذا النوع فيما ينتشر أيضاً العديد من القوائم السينمائية، لأفضل أفلام النوار حتى يومنا هذا. كما هو الكتاب الضخم لباول دونكان وجورغن مولر حول أفضل مئة فيلم نوار خلال كل الأزمنة.
أفضل الأفلام
لكن أفضل ما يمكن أن نعرف فيه هذا المصطلح وشكل فيلم النوار التعبيري وموضوعاته،هو مشاهدة أفلام النوار ذاتها، وهنا يمكن أن نذكر الأبرز منذ البداية لعدد مختلف من المخرجين:
• The Maltese Falcon عام 1941 لجون هيوستن ومن بطولة نجم أفلام النوار همفري بوغارت، يدور حول محقق بارع بدم بارد يبحث في خلفية ثلاثة مجرمين في سعيهم للحصول على تمثال ثمين.
• Double Indemnity عام 1944 للمخرج  بيلي وايلدر، يتحدث عن محقق تأمينات يلتقي بعميلة ويتفق معها على قتل زوجها والحصول على مبلغ التأمين، باعتباره موتاً طبيعياً بينما يستنبط محقق التأمين خطة أخرى أيضاً للحصول على ضعف المبلغ، على أساس بند التعويض المزدوج لكن صديق المحقق تبدو لديه شكوك أخرى حول وفاة الزوج.
• Laura عام 1944 للمخرج أوتو بريمنغر حول شرطي يقع في حب المرأة التي يحقق في شأنها.
• The Big Sleep عام 1946 لهوارد هاوكس ومن بطولة همفري بوغارت ولورين بيكول حول محقق خاص تقوم عائلة ثرية بتعيينه لمعالجة موضوع شخص يقوم بابتزاز ابنة العائلة.
• Gilda عام 1946 للمخرج شارلز فيدور وبطولة النجمة ريتا هيوورث حول مقامر يعمل في كازينو يكتشف أن حبيبته السابقة متزوجة من مدير الكازينو.
• Out of the Past عام 1947 لجاك تورنيور حول جاسوس يهرب من ماضيه للعمل في بلدة صغيرة، لكن الماضي سيلحق به ليعيده من جديد لخطر وفساد المدينة.
• The Reckless Moment عام 1948 للمخرج الألماني الكبير ماكس أوفولس حول الأم التي تعمل المستحيل لحماية ابنتها من الاتهام بارتكاب جريمة قتل حينما اكتشفت جثة عشيق ابنتها المبتز!
• In a Lonely Place عام 1950 للمخرج الكبير نيكولاس راي عن أميركي كاتب سيناريو كان ناجحاً في الماضي، لكنه مثل العديد من الكتاب في مجاله، واجه قليلاً من الصعوبة ولم يكتب فيلماً ناجحاً منذ مدة، يتم تكليفه بتحويل أكثر الكتب مبيعاً إلى فيلم ناجح، لكن تأخذ حياته منعطفاً منعكساً عندما يتم استدعاؤه إلى مركز الشرطة للتحقيق معه، كمشتبه به في مقتل امرأة شابة.
• Pickup on South Street عام 1953 للمخرج سامويل فولر حول نشال يسرق رسالة يتضح فيها أنها موجهة لعملاء العدو مما يجعله هو شخصياً هدفاً لحلقة تجسس شيوعية.
• Touch of Evil عام 1958 للمخرج العظيم أورسون ويلز في قصة مليئة بالخبث والمؤامرات، وعن جريمة قتل واختطاف وفي ظل فساد الشرطة في مدينة مكسيكية.
 

  • نشر في مجلة ” زهرة الخليج “

معضلة الفيلم الوثائقي !

في مطلع عشرينات القرن الماضي وبدعم من إحدى شركات الفرو الفرنسية يذهب المخرج روبيرت فلاهيرتي – والذي كان قد أجهد نفسه في البحث عن رعاية وتمويل لرحلته – الى منطقة القطب الشمالي حيث يسكن الأنويت من قبائل الاسكيمو ليتابع حياة رجل وعائلته والقسوة الشديدة التي تواجههم بها الطبيعة فيما هم يبحثون عن الطعام والملجأ. قضى روبيرت فلاهيرتي سنة كاملة في رصد حياة هذه العائلة ثم عاد بحصيلة تصوير صامتة ليقدم فيما بعد فيلمه الشهير ” Nanook of the North/ نانوك الشمال ” الذي حقق وقتها نسبة مشاهدة عالية قياسا بهذا النوع من الأفلام , واضعا نفسه كأحد أهم الأفلام السينمائية وأحد اساسيات الفيلم الوثائقي فيما يحتل المرتبة السادسة في قائمة International Documentary Assn التي نشرت عام 2002 لأفضل 20 فيلما وثائقيا في كل الأزمنة بينما يضعه الناقد روجر ايبرت ضمن قائمته للأفلام العظيمة !
ماالذي حدث فيما بعد ؟
بقدر الاشادات الكبيرة التي حصل عليها الفيلم ومخرجه فلاهيرتي بسبب هذه الرحلة المتعبة والتقصي الذي عمله بشكل جميل وأخاذ لايخلو من تشويق وهو يرصد حياة عائلة نانوك والظروف التي يمرون بها وبعض الاحداث التي تبدو مثيرة خاصة في مراحل الصيد وتتبع الطرائد بقدر مايتزايد الحديث حول مالم يكن وثائقيا او توثيقيا في الفيلم بشكل فعلي . حيث يرى البعض ان هناك من التصرفات ماكانت امرا وتوجيها من فلاهيرتي لنانوك وعائلته حتى يقوم بالتصوير وليس شيئا عفويا .فيما يبرز الفيلم رجل العائلة كشخص جاهل تقنيا تماما فيما يقال أن الرجل حقيقة كان مدركا للكثير من أمور التكنلوجيا والتقنية وقد كان يساعد فلاهيرتي في تفكيك كاميرات التصوير وتركيبها .بينما المرأة التي ظهرت كزوجة نانوك هي في الحقيقة ليست زوجته وإنما تم الاتسعانة بها لتأدية هذا الدور كما هناك شكوك في المقام الأول في اسم الشخصية ” نانوك ” ذاتها .!! ومع كل ذلك فلا أحد مطلقا يشك بأن فلاهيرتي بالفعل ذهب هناك وعاش لمدة سنة كاملة راصدا لحياة سكان الأسكيمو وطبيعة المنطقة وعاش تجربة إنسانية فذة لكنه في النهاية قدم الفيلم وفق رؤية خاصة به .
من جهة أخرى فإن أحد أشهر مخرجي الأفلام الوثائقية الأمريكي مايكل مور كان قد قدم أول أفلامه وأفضلها عام 1989 بعنوان ” أنا وروجر / Roger & Me ” والذي هاجم فيه الشركة العملاقة جنرال موتورز والضرر الذي أحدثته في ولاية ميشيغن حينما أغلقت مصنعها ليفقد أكثر من 30 الف موظف في مدينة فلينت وظائفهم بينما كان مايكل مور يسعى في الفيلم أيضا لمقابلة الرئيس التنفيذي لشركة جنرال موتورز روجر سميث .
كان الفيلم ينطلق من مبدأ إنساني قيمي كما يحاول أن يبرز مور في أفلامه باسلوبه الساخر الشهير والذي أصبح ثيمة أفلامه اللاحقة عدا أن صحفيا أمريكيا يدعى هارلان جاكوبسون أظهر تقريرا يبرز فيه أن مايكل مور في الفيلم كان قد غير من تسلسل الحقائق مما حدا بمور الى القول بأن ماقدمه ليس وثائقيا بل مجرد فيلم سينمائي ترفيهي لايتأثر بتسلسل الوقائع !
تشير باتريشيا أوفدر هايد في كتابها عن الفيلم الوثائقي إلى  أن الاسكتلندي جون غريرسون كان قد صاغ مصطلح ” وثائقي ” بعد أن شاهد فيلما آخر للمخرج الأمريكي روبيرت فلاهيرتي هو ” موانا / Moana  ” والذي يسجل فيه فلاهيرتي وقائع الحياة اليومية على إحدى جزر البحار الجنوبية ثم عرف غريرسون الفيلم ” الوثائقي ” بأنه ( التمثيل الفني للواقع ) !! وهو التعريف الذي ظل دارجا لفترة طويلة .بعد عدة تسميات مثل ” الواقعي ” و ” التعليمي ” ” فيلم الفائدة ” لكنه في كل الأحوال هو ” النوع ” الذي يمكن استثماره واستغلاله لتحقيق أهداف عديدة سياسيا واجتماعيا وتوعويا ودعائيا فضلا عن الجانب الفني ولذا فإن عائدات الأعمال الوثائقية عام 2004 كانت قد بلغت أكثر من أربعة مليار ونصف مما يعبر عن جانبها التجاري بشكل كبير .
ربما ماسبق يظهر لنا شيئا من ” معضلة ” الفيلم الوثائقي … مابين الاعتداد المسبق بكونها انعكاس واقعي وتحقيق موضوعي وبين استغلالها كترويج تجاري فيما لايمكن تجاوز النجاح الفني الكبير لهذا النوع من الأفلام والطرق المتباينة لدى المخرجين في تقديمها .

الرقابة في السينما .. من قوانين هايز حتى تصنيف الأفلام !

في العشرينات ومع بداية الصعود الهوليودي شعبويا واجتماعيا وازدياد شهرة الممثلين ضجت الصحف ووسائل الاعلام حينها بما يعتبر من اشهر فضائح مجتمع هوليوود مثل اتهام ” فاتي ” أرباكيل بالقتل والاغتصاب ثم وفاة وليم ديزموند رئيس نقابة المخرجين في شقته مقتولا وموت والاس ريد بسبب الإفراط في المخدرات مما اثار زوبعة كبيرة من الاحتجاجات الجماهيرية ضد مايسمى ب” فسوق هوليوود ” وانتشرت مقالات الشجب والتحذير وقاد رجال الدين حملات كبيرة للتحذير من السينما ومشاهدة الأفلام كما قامت عدد من الجمعيات ومنها النسائية والاصلاحية بالمطالبة بمقاطعة جماهيرية للسينما حتى أصدرت اكثر من 35 ولاية أمريكية إضافة للحكومة الفيدرالية قانونا للرقابة على مايعرض في السينما واعتبارها مثل عروض السيرك لاينطبق عليها التعديل الاول في الدستور الذي يمنح حق حرية التعبير . ومن هنا كان على صناع الأفلام ورؤساء شركات الالنتاج الكبرى في هوليوود أن يستبقوا الخطوة الأذكى لتصحيح الأوضاع ومنع التدهور المحتمل لهذه الصناعة الجديدة واستعادة ثقة الجمهور والمواطن الأمريكي خيث جاء الحل بتشكل منظمة من أفرد الصناعة باسم ” اتحاد منتجي وموزعي الأفلام في أمريكا ” وتعيين ويل هايز رئيسا لهذا التحاد وهو الشخص المعروف بكونه جمهوريا شديد المحافظة منتميا إلى الكنيسة البروستانتية والذي بادر مبدا بإعداد قائمة بأكثر من 115 نجما ممنوعين من العمل ضمن أفلام شركات الاتحاد بناء على سلوكياتهم وفضائحهم في حياتهم الخاصة في محاولة منه لاستعادة صورة أفضل عن النجم الهوليودي بالاضافة لمراجعته لنصوص الأفلام التي تقدمها له شركات الانتاج لتحصل على موافقته قبل بداية العمل وهكذا استغرق ” مكتب هايز ” سنوات عدة في الرقابة إضافة لعمله على دفع خطر الرقابة الحكومية على صناعة السينما وتهدئة جماعات الضغط وإدارة العملية التي تنتشر فيها اخبار هوليوود وحجب الفضائح منها وقد حقق نجاحا مشهودا للصناعة السينمائية واستعادة ثقة الجمهور فيها وطمأنة الأطراف المعارضة بالرغم من قسوته الرقابية لاحقا للحد الذي شرع فيه مايسمى ب” قوانين هايز ” التي تقرر – بجانب الترويج للقيم التقليدية – مايمنع ايضا من عرضه مما يتعلق بالجنس والدين والمخدرات والسياسة والعلاقات الدولية والعنصرية والعائلة الأمريكية وفكرة الخير والشر وغيرها الكثير من المحذورات سواء كعرض او معالجة مما حدا ببعض المخرجين أحيانا الى الالتفاف على بعض الممنوعات مثل القبلات الحميمية كما فعل مثلا المخرج الكبير الفريد هيتشكوك في فيلم ” نوتوريوس ” فيما هذه القوانين نفسها وجدت الكثير من المعارضة والسخرية خاصة في الثلاثينات ومع الكساد الكبير والبحث عن المورد المالي حتى عبر أفلام الجريمة والعنف والجريئة واصبح من المتوقع خرق مثل هذه القوانين أحيانا حتى قال أحد الكتاب حينها (قانون هايز الأخلاقي لم يعد حتى نكتة؛ فقط أصبح من التاريخ)
ومع ذلك فقد استمر القانون نافذا حتى نهاية الستينات وان كان جدليا وبشكل متذبذب حيث تكالبت الكثير من المتغيرات على عدم الاستقرار الصارم مثل الأوضاع الاقتصادية وحاجة الشركات المنتجة للكسب المادي من الجمهور الذي هو ايضا قد تغيرت ثقافته ونظرته الى مايمكن اعتابره فسوقا او محتشما بجانب الأمر الأهم وهو دخول الافلام غير الامريكية والاوربية تحديدا للعرض في صالات السينما التي لاتتبع لشركات الاتحاد وبالتالي لايمكن ان تخضع ايضا للرقابة ذاتها مما أوجد منافسة وجذبا للجمهور الأمريكي على حساب الفيلم الامريكي التابع لاتحاد منتجي وموزعي الأفلام في أمريكا ( والذي أصبح اسمها حاليا : جمعية الفيلم الامريكي MPAA) والذي اتجه بخطوة ذكية أخرى وفقا لكل هذه الظروف واستحالة التطبيق الفعلي لقوانين هايز وماتبعها وتحقيقا للمتطلبات الاساسية لشركات الإنتاج في الصناعة السينمائية وذلك عبر ابتكار ( نظام التصنيف ) في نهاية الستينات والذي يجعل الرقابة على الأفلام أقل بكثير مما سبق وذلك عن طريق تحديد شريحة المشاهدين الذين يسمح لهم دخول صالات السينما ومشاهدة الأفلام حينما بدأ بأربع تصنيفات للفيلم هي G , M , R , X حسب محتوى الفيلم ثم تحولت هذه الرموز لاحقا الى ماهو معروف الآن ويعمل به حاليا مثل G لجميع الأعمار و PG أي أن بعض مواد الفيلم قد لاتناسب الأطفال و PG-13 أي أنه لايناسب ما دون الثالثة عشر و N أي انه موجه لمن هم فوق الثامنة عشر .علما بان بعض الدول أو الرقابات ربما تستحدث تصنيفا مختلفا بعض الشيء حسب طبيعة مجتمعها لكن الفكرة الاساسية ذاتها وهي مدى مناسبة الفيلم لعمر المشاهد .

  • نشر المقال في مجلة زهرة الخليج

شيء من تاريخ السيناريو !

الحديث يبدو شيقا حينما بكون عن تاريخ السينما صناعة وفنا ومستوى الانعطافات والمراحل التي مرت بها بقدر ماسيكون أكثر غرابة وتشويقا حينما ينحصر في الحديث عن ” السيناريو ” ذاته ودوره في كل هذا التاريخ السينمائي الممتد لأكثر من مائة سنة والأثر الذي كان يتركه في حركة السينما وتوجهها مما يجعلنا نستسيغ القول بأنه .. في الابدء كان هناك سيناريو!

  • فأول فيلم سينمائي كما يذكر الكثير من المؤرخين ” خروج العمال من مصانع لوميير ” للأخوة لوميير عام 1895.. لم يكن عفويا .. بل كان هناك سيناريو مسيق ليس بالضرورة أن يكون مكتوبا وهو مايتكثل في ” تجهيز العمال وترتيبهم وتوقيت خروجهم ” وبالرغم من أن غياب البحث التاريخي حول السيناريو أعطى انطباعا مغلوطا حول ضرورة السيناريوفي بداية السينما إلا أن شيئا من البحث والتقصي سيكشف أهمية السيناريو ودوره الكبير وهو مابرع في الكاتب جان بول توروك في كتابه الرائع ” فن كتابة السيناريو والذي ترجمه للمكتبة العربية الإستاذ قاسم المقداد
  • حيث يشير جان بول توروك إلى أن الفرنسي شارل باتيه (1863 1957) والذي يلقب بنابليون السينما و الذي ساهم في وجود السينما عام 1903 واحتكر صناعتها كان لديه في شركته كل مايلزم لإنتاج الأفلام إلا أنه كان يفتقر لوجود ( قسم للسيناريو ) وكتاب محترفين .. فيما كان الاهتمام منصبا فحسب على تجميع الأفكار والذي كان يتم بطريقة طريفة حيث يتم جمعها عبر النافذة الشهيرة في مصانع ” فانسين ” حينما كان يتوافد عليها الصحفيون العاطلون والكتاب والمؤلفون لينتظروا في صف طويل كل صباح وهم يحملون قصة قصيرة من تأليفهم ويتم شراؤها بخمس وعشرين فرنكا حسب جودتها وهو الأسلوب الذي مارسته شركة غومون أيضا عام 1911 وكانت تتكدس الكثير جدا من الأوراق ذات الأفكار بصفحة وصفحتين وأكثر مما لايرغب بها المخرجون أيضا !!
  • في الوقت الذي يشير فيه جان بول تورك إلى ان أول وثيقة يمكن اعتبارها نصا سيناريو بالمعنى الحديث تعدو لوقت مبكر جدا عام 1900 والتي كتبها أحد مساعدي باتيه ويدعى ” جولي ” في نص أسماه ” لولوت Lolotte ” بحوارات وتقسيمات سليمة كما هي طريقة كتابة النص الحديث تماما ويحكي قصة رجل وزوجته يدخلان غرفة فندق ويتجادلان قليلا حتى يحضر صاحب الفندق ليقوم الزوج برميه من النافذة في قصة بسيطة وطريفة لاتتجاوز الدقيقة تقريبا .
  • ثم لنعود مرة أخرى في تراتبية تاريخية وتحديدا عام 1908 حيث سببت زيادة مدة الأفلام وطولها الذي تجاوز عشرين دقيقة صعوبة في الاعتماد على الأسلوب السائد حينها والقائم على الاعتماد على الارتجال مما دفع حينها لظهرت الحاجة إلى قصص حقيقية ومعالجتها على شكل سيناريوهات متطورة ومفصلة والذي سيساعد بطبيعة الحال  على تنظيم التصوير وجعله أقل كلفة .. وهذا الأمر هو مايؤيد الاعتقاد بأن ( السيناريو ) ظهر في أمريكا حينما كانت مدة الأفلام أطول من نظيرتها في أوربا وتحديدا فرنسا التي ترافق أمريكا كثيرا في تكوين بدايات السينما .
  • كما لايمكن تجاهل واقعة أنه في تلك الفترة أيضا قام توماس إينس من كبار منتجي هوليوود بتعيين أول كتاب السيناريو المحترفين كمساعد له وهو غاردنر سوليفان والذي سيعين أيضا عام 1914 على رأس قسم السيناريو في شركة Y.M.P وبمساعدته سيرتفع مستوى تحول القصص الى صور  بشكل متقن بينما لايزال مخرج كبير مثل الأمريكي غريفيث والفرنسي فوياد يعتمدون في الإخراج على سيناريو عام حيث يذكر أن الفيلم التاريخي الشهير لغريفيث ( مولد أمة  The Birth of a Nation) عام 1915 ومدته ثلاث ساعات وربع كان في بضع صفحات مختصرة . ولذا فيمكن اعتبار توماس إينس أول من وضع فن التوليف الدرامي
  • ولذا يعتقد الكثير من مؤرخي السينما بأن أحد اهم أسباب التفوق الكبير للسينما في أمريكا على نظيرتها فرنسا في البدايات كان التركيز على الدور الأساسي للسيناريو وضرورة أن يعتمد المخرج على تنظيم سردي مسبق مما دفع الفرنسي ليونغومون في إحدى رحلاته إلى أمريكا أن يرسل  عام 1920 الى المخرج المنتج الفرنسي فوياد موصيا له بأن يعهد بكتابة السيناريو إلى ” مؤلفين متخصصين ” يعرفون بناء القصة  ويحضرون تقطيعها لأنه رأى -مشدوها -أن هذا الشيء الذي يفعله الأمريكان بنجاح.
  • كما يذكر توروك في كتابه ” أن اثنين من أبرز مؤلفي تلك الفترة هما من ساهما بشكل كبير في تطور القصة السينمائية وأثرا على من جاء بعدهم من مخرجين وكتاب أحدهما سبق ذكره وهو غاردنر سوليفان والثاني هي فتاة عبقرية في سن السادسة عشر تدعى أنيتا لوس كانت قد كتبت فيلم ” قبعة نيويورك / The New York Hat ” عام 1912 وأخرجه المخرج الكبير غريفيث حيث يعد الفيلم مثالا على السينما الجديدة ويذكر بسخريته الدقيقة بأعمال موباسان ومارك توين ويبشر بمجيء روائع شارلي شابلن كما شكل تعاونها مع غريفيتي أساسا للأعمال السردية الرائعة مثل ” فرسان بيغ آلي ” وقد كتبت أغلب السيناريوهات التي مثلتها الأختان غيش وجميع أفلام المخرج دوغلاس فيربانكس تقريبا وكانت روحها اللاذعة وملاحظاتها الساخرة تمهيدا لظهور النفس الخاص الذي يقدمه كل من المخرجين الكبار فرانك كابرا وهاوراد هاوكس وكوكر “.
  • كما يشير توروك أيضا إلى أنه “منذ عام 1914 حتى 1920 ظهرت موجة كبيرة من كتاب السيناريو أغلبهم من النساء !! المتخصصات بقصص الرومانس العاطفية  امثال فرانس ماريون التي جذبت اهتمام نجمة ذلك الوقت الممثلة ماري بيكفورد وفرانك بورزاغ وهيمنت على اقسام السيناريو في أكبر شركتي انتاج في هوليود ( بارمونت و غولدن ماير ) وأخرج لها العديد من كبار المخرجين مثل هاوكس وفيكتور سوستروم في قمة أعماله التي أقتبستها مثل ” الرسالة القرمزية ” و ” الريح ” و جورج هيل الذي فازت من خلال فيلمه ” The Big House 1930 ” بأوسكار أفضل نص عام 1930 كما فازت في السنة التي تليها أيضا بأوسكار افضل نص عن فيلم كينق فيدور ” The Champ1931 “

حكاية مجهولة .. عمل فني .. ماتكشفه السينما الوثائقية !!

في عام 2013 يلفت اتباه المتابع السينمائي ومحبي الوثائقيات أحد الأفلام الجديدة لمخرج شاب ليس له تجارب سابقة يتحدث في فيلمه الأول هذا عن شخصية تبدو مثيرة جدا للاهتمام بالرغم من أنها لم تكن معروفة مطلقا حتى وقت وفاتها وهي في سن الثالثة والثمانين عام 2009 !! ومجهولة من قبل انتاج هذا الفيلم .. فمالذي حدث  وماأهمية هذه الشخصية !!
لنقل ان الصدفة وحدها قادت الى اكتشاف اعمال فنية جميلة ورؤية واقيع لمجتمع الخمسينات في شيكاغو وشخصيبة ذات حس فني وعين حاذقة تجيد التقاط الأشياء حولها … ففي عام 2007 كان الشاب جون مالوف يعمل على كتاب يؤرخ فيه لحيه عبر بعض الصور ولذا كان من حسن حظه أن وجد مجموعة كبيرة من الصور لايعرف صاحبها في أحد مزادات البيع وقام بشرائها وتخزينها في بيته لمدة سنتين كان خلالها قد نمى لديه الشغف بالتصوير الفوتغرافي والقدرة على قراءة الصور الفوتغرافية واكتشاف جمالياتها مما دعاه الى استخراج تلك الصناديق المليئة بعلب النيجاتيف لمئات الصور والتي  كان قد حصل عليها في المزاد وقام بإنشاء غرفة تحميض خاصة ليتفاجأ فيما بعد بمستوى الجمال والروح الفنية والتأريخ الاجتماعي عبر هذه الصور التي لايعرف من صاحبها مما اضطره الى تحميل العديد منها على موقع الصور الشهير Flickr في محاولة البحث عن معلومة تفيده عن صاحب هذه الصور … وهنا تم إعادة إحياء مصورة الشوارع فيفيان ماير !!
وماتم معرفته عنها هو أنها كانت مصورة شوارع هاوية امريكية ولدت عام 1926 في نيويورك ونشأت في فرنسا ثم عادت مرة اخرى الى امريكا – شيكاغو لتعمل ولمدة اربعين سنة كمربية أطفال دون أن تتخلى يوما ما عن كاميرتها الفوتغرافية    Rolleiflex التي حملتها على خصرها . لالتقاط صور فوتوغرافية بالأبيض والأسود التي تتنقل بها بين شوارع أمريكا بالاضافة لصور تتضمن رحلاتها مابين دول العالم مثل تايلند ومصر وايطاليا وبعض مدن امريكا الشهيرة. وتكشف المقابلات التي أجريت مع من قاموا بتوظيفها كمربية لديهم أن فيفيان كانت ذات شخصية معقدة وغامضة وكأنها تخفي جانبا سريا بالرغم من قوة شخصيتها وطريقتها في التعبير عن أرائها  لكن صورها سجلت تأريخا مهما وارشيفيا لطبيعة الحياة العامة في شوارع شيكاغو فترة الخمسينات من القرن الماضي مما اجبر الفنانين والمهتمين على إقامة  سلسلة من المعارض لصورها في امريكا والمانيا وانجلترا والدنمارك والنرويج بالاضافة لانتشار صورها في عدد كبير من الصحف الاوربية والمتصفح الان لمجموعة الصور التي التقطتها فيفيان سيدرك العين الفنية التي كانت تتم عبها ومستوى الشغف الذي كانت تحمله بالرغم من صعوبة هذا العمل كما يتحدث بذلك  جون مولوف نفسه الذي تتبع تلك الشوارع والاماكن التي التقطت فيها فيفيان صورها في شيكاغو. ليقدم فيلمه الوثائقي الرائع  عام 2013 والذي تم ترشيحه للأوسكار Finding Vivian Maier بالإضافة لترشيحه في جوائز البافتا البريطانية ومهرجان برلين السينمائي وحصوله على تقييمات نقدية عالية وأراء إيجابية للغاية حول الفيلم وفيفيان نفسها .. ففي حين يعتقد الناقد بات بادوا أنه  ( من الضروري على كل شخص مهتم بالتصوير الفوتغرافي في الشوارع خاصة أن يشاهد هذا الفيلم بقصته الرائعة ) يقول أيضا   الناقد توم لونق من صحيفة اخبار ديترويت ( في كل مرة تومض فيها إحدى صورها على الشاشة ، لا يمكن إنكار عبقرية المرأة. )
بينما يصف مارك فيني من بوستون غلوب الفيلم وعمل المخرج جون مالوف قائلا (هذه حكاية مدهشة ، جاهد فيها  مالوف  بقوة لإخراجها. وبشكل غريب تقريبا كغرابة ماير نفسها )
كما يرد أيضا في مجلة The Sun  البريطانية تقديرا عاليا للفيلم وأعمال فيفيان ماير من خلال الإجابة على السؤال ( لماذا يتم صنع فيلم عن مربية مجهولة من نيويورك؟ الجواب هو أن فيفيان التقطت صورًا جميلة وقوية كتلك التي التقطها أي أعظم المصورين )
يمكن الإشارة أيضا أنه في نفس العام 2013 كان منتج ومخرج الوثائقيات البريطاني جيل نيكولاس قد قدم فيلما قصيرا أيضا لايتجاوز الساعة عن فيفيان ماير بعنوان ” لغز فيفيان ماير /  The Vivian Maier Mystery ” لم يصل بطبيعة الحال لمستوى وشهرة فيلم جون مالوف التي استحقها ببحثه الجاد واستقصائه الموضووعي وتحويله لتلك المصادفة الجميلة لكشف عمل فني كان مجهولا .