السينما والصورة … العلاقة والتحول !!

حينما قالوا إن السينما هي الفن السابع وآخر الفنون البصرية حتى الآن كان لابد إذن من الحديث عنها مقارنة أو تماهيا مع ماسبقها من الفنون كالرسم والنحت والمسرح والتصوير الفوتغرافي والرواية سواء كان الحديث حول علاقة أحد هذه الفنون بالسينما أو كيف أن السينما طوعت شيئا من هذه الفنون السابقة أو كيف تقدم السينما مثل هذه الفنون عبر أفلامها . وهنا سنحاول أن نعرف شيئا من العلاقة أيا كان اتجاهها مابين السينما والتصوير الفوتغرافي والتشكيلي تحديدا
يقول جيمس موناكو في كتابه ” كيف تقرأ فيلما ” : في البداية لم تستطع السينما السينما المنافسة المباشرة مع مع فن التصوير التشكيلي إلا في مدى محدود وكان عليها أن تنتظر حتى نهاية الستينات حينما أصبح الفيلم الملون متقنا بما فيه الكفاية ” ثم يضيف ” ظلت المحاكاة منذ بداية عصر النهضة قيمة أساسية في جماليات التصوير … وكانت مستنسخات المناظر الطبيعية ساحرة كما كان للوحات البورترية تجربة صوفية ”
ثم يتحدث المؤلف عن بدايات التصوير منذ أعلن فرانسوا آراجو في أكاديمية الفنون الفرنسية عام 1839 عن اختراع ألة ستكون وسيلة لتسجيل صورة فوتغرافية باقية .ثم تطور الأمر وكيف صار المصورون الفوتغرافيون منتصف القرن التاسع عشر ينظرون إلى الحركة ( عنصر الزمن ) ليحققوا اكتمال فنهم  وجاءت تجارب أمثال أوسكار جي ريلاندر  وهنري بيتش في إنجلترا في الجمع بين شكلين بإعداد مناظر معقدة شبيهة بالمسرح الجماهيري حينها واستخدموا ممثلين لتحقيق التأثير عبر أيضا مجموعة من الصور .. كانت تجربة درامية بطريقة ما .
وحينما نقفز بالزمن حتى نهاية عام 1895 واختراع السينما ونتذكر كيف أن الرسام الشهير مارسيل دوشامب ذهب لمشاهدة فيلم ” سرقة القطار الكبرى ” وأعجبه الأمر ثم عاد ليرسم لوحته ” عارية تنزل من على السلم ” لندرك أن حلم التفلت من لحظة الزمن وبث روح الحياة في الصورة أصبح متاحا بعد أن جاءت السينما … فالسينما في النهاية هي صورة … والمشهد هو مجموعة صور تمثل مفهوم الصورة الفوتغرافية في لحظة ما .
يقال أن رساما صينيا كان قد رسم وادجيا يتلوى فيه ممر يختفي في نهايته خلف جبل فلما انتهى من الرسم أعجبه المنظر فدخل الممر وذهب بعيدا خلف الجبل في اللوحة حتى اختفى ولم يرى بعد ذلك … ينقل هذه الحكاية الدكتور عقيل مهدي يوسف في كتابه ” جاذبية الصورة السينمائية ” بعد أن علق قائلا ” الكادر السينمائي يقدم صورة فيها إيقاع بصري وذبذبة خطوط واتجاهات وتكوينات وإنشاءات مرئية جذابة وفضاءات الصورة التشكيلية ” ثم يذكر تعليق الباحث السينمائي مارسيل مارتين على حكاية الرسام الصيني بقوله ” كم من المتفرجين يدخلون على هذا النحو في العالم الذي تقدمه لهم الشاشة ولايعودون قادرين على التخلص منه ”
لنتذكر أن أهمية الصورة عززت من أهمية التصوير ذاته ولذا كانت هناك جائزة التصوير السينماتوغرافي في جوائز الأوسكار منذ عام  Best Achievement in Cinematography ) 1927 ) وبدأت نقابة المصورين في أمريكا American Society of Cinematographers  منذ عام 1987 ومن قبلها كان هناك جمعية لمشغلي الكاميرا Society of Camera Operators  بدأت عام 1981.
بقي أن اشير إلى فيلمين تناولا التصوير الفوتغرافي كموضوع بشكل رائع ومؤثر .. الأول هو فيلم المخرج الألماني  فيم فندرز عام 2014 The Salt of the Earth المرشح لجائزة أوسكار أفضل فيلم وثائقي لعام 2014 للمخرج الألماني فيم فيندرز , حيث يتتبع حياة المصور البرازيلي الشهير سباستيو سلجادو  الذي قضى أربعين سنة يدور في القارات والمدن حيث البؤس والعجز, فنقل العديد من مآسي الإنسان والحياة والحروب, فيلم رائع فنياً كما أنه مؤثر جداً بفيض إنساني عالي يجعلك ترى العالم بطريقة مختلفة . والثاني كان عام 2013 Finding Vivian Maier حول حياة الفنانة المصورة فيفيان ماير فبعد زيارة جون مزاداً لبيع الخردوات للحصول على صور قديمة من أجل كتابه الجديد ، يلفت انتباهه صندوق مليء بصور قامت بتصويرها مربية أطفال ليبدأ رحلة البحث عنها ومن هنا تبدأ الاحداث . وكان الفيلم قد ترشح لأوسكار أفضل فيلم وثائقي .
فيما يمكن مشاهدة جمال التصوير عبر الأعمال الوثائقية للمخرج رون فريك Baraka  , Samsara   ومن قبله المخرج غودفري ريغيو الذي كان قد بدأ ثلاثيته التصويرية الوثائقية الجميلة في بداية الثمانينات Koyaanisqatsi  “في لغة الهوبي، معناها “الحياة الخارجة عن التوازن.” Powaqqatsi     تعني “الطريقة الطفيلية للحياة” أو “الحياة التي تمر بمرحلة انتقالية””. Naqoyqatsi   ” وتعني “الحياة كحرب” “عنف متحضِّر” و “حياة تقتل بعضها البعض”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *