الحكاية المدهشة خلف تحفة فيلليني الشهيرة !

 
 
فيديريكو فيلليني …أحد أشهر وأهم الاسماء في تاريخ السينما  التي لايمكن لأي متابع او مهتم او حتى مجرد مشاهد سينمائي عابر الا ويقف عند هذا الاسم الكبير ليحضى بجزء من تفرده الخاص بالابداع منذ بدأ كاتبا ناجحا حتى انتهى مخرجا عظيما
وقبل أن يبدأ فيلليني مسيرته الحافلة في الاخراج مع اول روائعه Variety Lights عام 1950 كان قد وضع أوائل بصماته في الابداع السينمائي عبر الكتابة خلال عقد الاربعينات حينما بدأ العمل  ككاتب سيناريو في حقبة الواقعية الإيطالية حيث غالبا ما كان يعمل مع المخرج الشهيرربيورتو روسيلليني فكان أول أعماله كتابة سيناريو أحد أهم أفلام الواقعية الايطالية Rome, Open City (1946) بجانب سيرجيو أميدي ومنه كان  ترشيحهم الاول لجائزة الأوسكار كأفضل سيناريو. قبل ان يعود مرة اخرى  ليرشح  لأوسكار أفضل سيناريو مع أميدي و روسيلليني في 1950 لفلم Paisan  بإخراج روسيلليني أيضا. لكنه لم  يكتسب فيلليني شهرته العالمية  ويضع أولى بصماته الاخراجية حتى عام 1953 حين فاز فلمه إي فيتوليني   (1953) بجائزة الأسد الفضي في مهرجان البندقية و كان أحد المرشحين لجائزة الأسد الذهبي  ومن هنا بدأت الحكاية …
ففي السنة التي بعدها, واصل فيلليني نجاحه بنجاح أكبر في فلم ” لا سترادا /  La Strada ” (1954) ببطولة زوجته جوليتا ماسينا , حيث فاز بأكثر من خمسين جائزة عالمية تتضمن الأوسكار لأفضل فلم أجنبي , وهي السنة التي تقدم فيها هذه الجائزة للمرة الأولى  , بالإضافة إلى الأسد الفضي و الترشح للذهبي في مهرجان البندقية. كما حظي الفلم بإعجاب نقدي عالي حيث يعد أحد أكثر الأفلام تأثيرا على السينما . و في 1957 صدر فلمه الشهير ايضا ” ليالي كابيريا /  Nights of Cabiria  ” ومن بطولة زوجته جوليتا ماسينا حيث  فاز الفلم بالأوسكار لأفضل فلم أجنبي أيضا بعد ثلاث سنوات فقط من فوزه الاول, كما فازت زوجته بمهرجان كان كأفضل ممثلة .
 
حينها كان  فيلليني قد عرف واشتهر كأحد العظماء في تاريخ السينما الإيطالية بجانب لوكينو فيسكونتي و فيتوريو دي سيكا و معلمه روبيتر روسيليني , و لكن لم يتنبأ أحد بقدوم الإعصار الذي اجتاح العالم عام 1960 بإسم ” لا دولشي فيتا /  La Dolce Vita   “حيث حطم الفلم جميع الأرقام القياسية لصندوق التذاكر و اصطف الناس ساعات طويلة لمشاهدة الفلم . كما واجه الفلم هجوما كبيرا من الفاتيكان و وصفوه بالفلم المعيب , و استنكره أعضاء الجناح اليميني في البرلمان لمواضيعه المثيرة للجدل . فيما تجرأ احد المتعصبين ليقوم بالبصق على فيلليني في أحد المؤتمرات الصحفية فيما كان الجمهوريصرخ عليه بالشتائم . ولم يكن الحال افضل منه حينما فاز الفيلم بالسعفة الذهبية بمهرجان كان في تلك السنة حيث واجه الجمهور ذلك بالاستهجان وتعابير الاعتراض !
 
و بعد هذه الضجة و النجاح الساحق الذي أحدثه فلمه الأخير هذا  وجد فيلليني نفسه تحت ضغط كبير حيث ظل العالم السينمائي وقتها بأكمله يترقب كيف سيكون فلمه القادم وماالمستوى الاعلى الذي سيصل اليه او التجربة الفريدة الاخرى التي سيحققها , كما كان تحت ضغط من المنتجين و طاقم العمل و أصبح القلق يساوره فيما كان سيقدر على اتباع مسيرته هذه بتحفة جديدة لاتخيب ظن المنتجين وآمال عشاقه  . مما أدى الى توقف أفكاره وانسداد الهامه واصبح في حيرة كبيرة لايستطيع معها أن يحدد كيف سيبدأ فلمه القادم , و في أمل لإيجاد حل لهذي المشكلة وطريقة يستأنف فيها معين ابداعه من جديد بدأ فيلليني بالبحث فقط عن مواقع لتصوير فلمه القادم دون حتى ان يتصور اسم الفيلم او أحداثه أو حتى شخصياته . فبدأ بخطوات إنتاج الفلم في عام 1962 حيث وقع فيلليني العقود مع المنتجين و تم بناء مواقع التصوير و إختيار الأبطال و إختبار ممثلين جدد و التعاقد مع طاقم العمل و المصورين , و لكن فيلليني ما زال لا يعلم عن الفلم شيئا سوى اسم بطله ( والذي أدى دوره أحد عمالقة التمثيل السينمائي مارسيلو ماستروياني بطل فيلمه السابق) و عند إقتراب موعد التصوير قرر فيلليني أن يتخلى عن المشروع وابلغ المنتجين بذلك بحجة أنه خسر فلمه الا انه وقبل أن يعلن عن تخليه هذا  طلب منه المنتج حضور حفل بدء المشروع , و أثناء الحفل يحكي فيلليني أنه شعر بالعار الشديد تجاه الطاقم الذي كان ينتظر إبداعه , و في تلك اللحظة وجد فيلليني الحل و قرر أن يصنع فلما يحكي الحالة التي كان يعيشها تحت الضغوط … قصة المخرج الذي لم يعد يعلم ما هو الفلم الذي يريد إخراجه … قصة التحفة السينمائية الشهيرة ” ثمانية ونصف ” !!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *